يحيا الاستيطان.. ارجوكم المزيد/ ميساء ابو غنام


كانت رحلتي ولاول مرة الى قلقيلية،سمعت الكثير عنها واكثر ما اذكره في عقلي الواعي واللاواعي امران واليوم اضفت له امرا ثالثة ،الاول  في الانتفاضة الثانية حين كان الفلسطينيون يقومون بالعمليات الاستشهادية من خلال التسلل الى كفار سابا من قلقيلية ومن ثم الى تل ابيب،والامر الاخر شخصي ارتبط بشجرة ليمون وماندلينا احضرهم لي بائع اشتال من قلقيلية يقف بالقرب من حاجز قلنديا،حين وقفت بجانبه واخبرته ان حديقتي المنزلية تصيبني بالكابة نتيجة الموت المتلاحق لاشجارها فنصحني بما يمتلك مقنعني ان الليمون يعيش على بلكونة في الطابق التاسع،واغراني كونها تحمل بعض الثمار التي يبلغ عددها سبعة فاعتقدت انني لن احتاج الى شراء الحمضيات من السوق فلدي المندلينا الاسيوية والليمون البلدي،وبدأت افكر ايضا في زراعة خيار وبندورة وبطيخ ربما، وزرع لي البقدونس والخس والنعنع والفجل في احواض صغيرة لا تصلح حتى للورود فصدقته واعتقدته خبيرا،لافيق يوما بعد يوم وانا ارى شتلاتي تموت حتى دون ان استعمل حبة منها او اشرب الشاي بنعنعها فاكتشفت ان الذي يزرع في غير مكانه يقلع نفسه بنفسه.
حكايتي مع حديقة منزلي هي حكاية الاستيطان في الضفة،يتمنى الاسرائيليون ونتمنى مجازا ان نعيش شعبين على ارض واحدة بتعايش وسلام،سماها البعض تطبيع وسماها الاخرون سلام وسماها البعض خيانة،كل غنى على ليلاه وعلى هواه،وانا هنا اتساءل من قال اننا لا نتعايش مع اولاد عمنا او خالنا لا فرق في التسميات،فكل قرية فلسطينية متوجة من جميع اتجاهاتها بمستوطنات اسرائيلية،ما اجملها بقبتها الحمراء؟؟؟؟؟ وحدائقها التي تنمو على اكتاف مياهنا وشوارعها النظيفة واطلالتها المميزة،وما اجمل الفلسطيني حين يقف على باب منزله مطلا عليها ومعيدا امجاد ارضه التي كانت تحتضنه في هذا المكان يشتم رائحة ترابها ويناجي الله من على احجارها طالبا الحياة كما الارض التي يقف عليها ما زالت تحمل عب ضيف ثقيل الدم لا محالة مغادر. نعود للحكاية.....
سرت الى قلقيلية،وترددت في حمل جهاز اللاب توب وقطعة الانترنت التي اقتنيتها من شركة سيلكوم الاسرائيلية،وللحظة قررت وانا بالطريق من حاجز قلنديا العمل على الجهاز ووضعت قطعة النت احتياطا عسى ان التقط الارسال،فأنا اعلم ان الشركات الاسرائيلية ضعيفة في الضفة الغربية،وصلت الخدمة واعطتني اشارة خضراء اي في حالة امان  وخدمة  عالية الجودة،كانت المفاجئة الكبرى حينما كانت سرعة الارسال  افضل من القدس او يافا ،لم تقطعني الخدمة نهائيا ولم ار اللون الاحمر،غريب جدا ،احيانا اقود سيارتي الى حيفا ولكن مرات عديدة يفصل ارسال النت ، وللحظات سألني زميل معي كانت متوجها الى قلقيلية"النت شكلو شغال ما قطع،اجبته البركة بالمستوطنات وبنقول عنها عاطلة شوف كيف ساعة كاملة وهي متألقة باللون الاخضر فلتحيا المستوطنات".
التقطت هاتفي المحمول"الوطنية موبايل"راغبة اجراء محادثة تلفونية،مبروك قد تحول الى تجوال والتقطته شركة سيلكوم،وبقيت طول الطريق استمتع بخدمات سيلكوم في مناطق الضفة الغربية،نظرت الى هاتفي الجوال الذي تألق بخدمات اورانج،الى ان دخلنا قرية عزون فوجدتهما يبحثان عن فلسطينيتهنا وعادا وطنية وجوال،ما ابدعها من تكنولوجيا"والله عن جد اختراق لم يصله اليابانيون"هواتفنا الفلسطينية تحدد لك مسار الوضع السياسي ، ومن خلال اشارات اللقط تعرف انك في منطقة أ او ب أو ج.....
اتفاق اوسلو ما زال ساري المفعول وما زلنا نحتفظ به "عن جد احنا ولاد اصل ومتل ما بيقول المثل الفلسطيني اللي ما الو ماضي ما الو حاضر ولا مستقبل،واللي ما الو خير بقديمو ما الو خير بجديدو".انهيت مهمتي وخرجت من عزون،وبدأت استمتع بفلسطين وربيعها،رأيت اللون الاخضر يعطر ارضها،تجاهلت قمم الجبال وقرميدها الاحمر،نظرت الى الاطراف وهي تحتضن المكان،رايت جدي وهو يحرثها ويأكل البطيخ والجبنة البيضاء مع الخبز تحت شجر زيتونها،ورأيت جدتي وهي تملأ المياه من نبعها وتضع الجرة على رأسها وتسير متزنة صامدة مرفوعة الرأس،رايتها في مخيلتي حين رأيت كماليات احجار كما المكياج مع اول قطرة ماء يسيح ويزول،نعم سيزول لذلك فلتحيا المستوطنات ارجوكم

CONVERSATION

0 comments: