التخبط الحكومي/ عباس علي مراد

بدأت الازمات تتفجر في وحه حكومة العمال وبشكل روتيني، فقبل ان  تخرج الحكومة العمالية من ازمة حتى تنفجر في وجهها ازمة اخرى، والملفت للنظر ان معظم تلك الازمات ان لم نقل جميعها هي من صناعة الحكومة نفسها رئيسة ووزراء او نواب او حتى من نقابات العمال التي تتحالف مع الحكومة لما لها من تأثير في مجلس الحزب (الكوكس).
فقبل ان ينجلي غبار أزمتي رئيس البرلمان بيتر سليبر والنائب العمالي السابق غريغ تومسن والذي انتقل الى مقاعد النواب المستقلين بعد ان اضطرت رئيسة الحكومة جوليا غيلارد للتخلي عنه بعد ان كبُرت كرة الثلج التي شكلتها فضيحة انفاق اموال نقابة عمال القطاع الصحي سواء على حملة تومسن الانتخابية في العام 2010 او في بيوت الدعارة.
الأسبوع الماضي كانت الاخبار الحكومية والتخبط الحكومي تتصدر صفحات الصحف الرئيسية ومقدمات نشرات الأخبار وتعليقات المواطنين في برامج البث المباشر، وذلك على خلفية قرار وزير الهجرة كريس بوين ووزير الموارد الأولية مارتن فيركسون في 25 ايار والقاضي بالمساح للثرية جينا رينهارت بإحضار 1715 عاملاً أجنبياً من العمال المهرة  للبدء في العمل في احد المناجم الذي سيستحدث في روي هيل في غرب استراليا، والذي تبلغ كلفته حدود 9 مليار دولار والذي سيؤمن ما يقارب 8000 وظيفة للأستراليين.
ما ان اعلن الوزير عن الاتفاق مع شركة هانكوك التي تملكها رينهارت حتى بدأت الانتقادات تتوالي خصوصاً من قياديي نقابات العمال وابرزهم بول هوز رئيس اتحاد نقابات عمال استراليا الذي قال: ألم تكن في حرب مع اصحاب شركات المناجم غامزاً من قناة الحكومة وخصوصاً وزير الخزينة واين سوان.
اما الرئيس الجديد لمجلس اتحاد نقابات العمال الاسترالي دايف اوليفر فقال ان القرار يستحق الشجب، ولاحقاً اعترف وزير العلاقات في امكان العمل بيل شورتن انه  كان وراء تصريحات زعماء نقابات العمال من خلال حثهم للإعراب عن انزاعجهم من قرارات الوزير بوين ورئيسة الوزراء (س م ه 02/06/2012 ص 4) والجدير ذكره ان رئيسة الوزراء حاولت النأي بنفسها عن قرار وزير الهجرة وذلك من اجل عدم اغضاب نقابات العمال وخصوصاً اتحاد نقابات العمال الذي يرأسه بول هوز لأنه يشكل الداعم الرئيسي لجوليا غيلارد في البقاء في منصبها، والمعلوم ان الاتحاد أمّن لغيلارد 20 صوتاً من الاصوات الواحدة والسبعين التي فازت بها بعد تحدي كيفن راد لقيادتها في شباط الماضي.
وكان اعلان بوين عن الاتفاق لاقى انتقادات ايضا من نواب والذين ذهب احدهم الى حد القول: بماذا كان يفكر وكيف يسمح لنفسه بان يوصف بانه من اتباع جينا رينهارت
لكن وزير الهجرة جاهر بموقفه الذي يناقض مقولة رئيسة الوزراء انها لم تعلم بالقرار الا قبل يومين من اعلانه واضاف ان رئيسة الوزراء كانت على علم بالاتفاقية قبل توقيعها مع الملياردارية جينا رينهارت (التلغراف الاسترالي 29/05/2012 ص2).
السؤال الذي يتبادر الى الذهن لماذا هذا التخبط الحكومي؟! مع العلم ان الوزير بوين ما كان ليتخذ هكذا اجراء لولا موافقة الحكومة المسبقة خصوصاً ان الحكومة كانت قد قررت في العام 2009 المساح لقطاع المناجم بإستيراد العمال المهرة والذي لا مجال لتوظيفهم من البلاد وذلك  بموجب تأشيرة دخول خاصة 457 من ضمن مشروع اتفاقية الهجرة.
 بعض المحللين السياسيين ذهبوا بعيداً في تفسيرهم للأبعاد التي اتخذها قرار وزير الهجرة وعزوها ا الى تحديات متوقعة لزعامة جوليا غيلارد مع العلم بأن الوزير كريس بوين ومارتن فيركسون كانا قد دعما كيفن راد في تحديه زعامة جوليا غيلارد بداية العام الحالي، وما غذى هذه التكهنات ما اشيع عن ان وزير الدفاع السابق جول فيتسغيبن احد اهم داعمي غيلارد كان يستطلع اراء زملائه بشأن العودة الى كيفن راد حيث نقل عنه بعض النواب قوله:يجب التحرك الفوضى تقتلنا(صاندي تلغراف 27/5/2012) وحسب نفس الصحيفة وفي عددها 3/6/2012 ص 19 فان نواب المقاعد الخلفية قلقون بشان الضريبة على الكربون ويطالبون بتعديل القانون او تغيير في زعامة الحزب .
والملفت ان هذه الأزمة جاءت في وقت اوتفعت شعبية حزب العمال حيث بلغت نسبة الأصوات الأولية 32% التي كانت قد بلغت 27% في استطلاعات سابقة وهي نسبة متدنية جداً، ورغم هذا التقدم فأن حظوظ الحكومة بالفوز ضئيلة ان لم تكن معدومة لو جرت الانتخابات الان ، واظهر الاستطلاع ان رئيسة الوزراء تقدمت على طوني ابوت كمفضلة لرئاسة الحكومة بنسبة 40% الى 37% لطوني ابوت، وقد اجرت الاستطلاع شركة نيوز بول في 29/05/2012 لصالح جريدة الاسترالين.
 بإنتظار استطلاعات الرأي القادمة الشيء الوحيد المؤكد ان البلاد تدفع ضريبة حكومة الأقلية وفقدان الزعيم الذي يملك الكاريزمة ويقود البلاد ،وما ينطبق على العمال ينطبق على تحالف الأحرار والوطني حيث بلغت نسبة التأييد ادناها لكل من رئيسة الوزراء وزعيم المعارضة وذلك لاول مرة منذ اكثر من عقدين من الزمن.
سيدني
abbasmorad@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: