عن الغرفة التجارية والاستثمار في القدس/ راسم عبيدات

واضح جداً بأن أداء الغرفة التجارية في القدس ليس كما يجب وما يرام،والمسألة ليست مرتبطة بشماعة الاحتلال وإغلاقه للغرفة التجارية،بل عدم فاعلية الأعضاء الموجودين في هيئتها الإدارية والذين مضى على وجود البعض منهم ما يزيد على ربع قرن في هيئتها الإدارية،وكذلك غياب العملية الديمقراطية فيها،ومحاولة البعض أن يستثمر وجوده في هذه الهيئة لخدمة أغراضه ومصالحه الخاصة من تعزيز للدور والنفوذ والتحكم في الدعم القادم للقدس،حيث انه في أعقاب قمة سرت التي عقدت في ليبيا،والتي كانت القمة العربية الأخيرة قبل ما يسمى بثورات الربيع العربي،وإقرار القمة نظرياً لخمسمائة مليون دور لدعم القدس والمقدسيين،حركت شهية العديد من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين الفلسطينيين والمقدسيين،وسارعوا الى تشكيل وتكوين وتأسيس الشركات وصناديق الاستثمار لكي تنال النصيب الأكبر من هذا الدعم،ولكن دعم القمم العربية،كحال دعم هؤلاء المستثمرين للقدس يتبخر في الطريق أو لا يصل بالأساس،ويبقى حبراً على ورق،وكذلك سيادة نظرة التوريث عند البعض الآخر هي من يدفع إلى تراجع دور وأداء الغرفة التجارية،وفقدان الثقة بها من قبل تجار المدينة،هذه الغرفة التي نرى بأن عملية تفعيل دورها بالضرورة أن تستند الى تعيين أو انتخاب فعاليات اقتصادية مهنية ورجال أعمال واقتصاديين لهم دورهم وبصماتهم في المدينة،ولديهم شبكة واسعة من التواصل والعلاقات بالمجتمع المقدسي والاطلاله على همومه ومشاكله،وبالتالي يجب إن يفتح باب العضوية للغرفة التجارية أمام التجار وان تكون هناك هيئة عامة تفرز هيئة إدارية جديدة،استنادا الى الكفاءة والمهنية والإنجاز على الأرض،ولا يجوز أو من غير المقبول استمرار التذرع والتحجج بضياع واختفاء الملفات بعد مداهمة الاحتلال للغرفة التجارية ومصادرة تلك الملفات،وأشدد هنا بأن الغرفة التجارية ليست بحاجة الى من يعملون على تشكيل مؤسسات أو شركات اقتصادية او صناديق استثمارية تريد أن تستثمر وجودها في الهيئة الإدارية للغرفة التجارية من أجل أن تمر كل أموال الدعم المفترض وصولها للمدينة من خلالها،أو أن تجند وسائل الأعلام لكي لا تختفي صورتها عن الشاشة،أو لكي تظهر بأنها الحريصة على القدس والمهتمة بأوضاع المقدسيين،وأنها بأموالها ستحيل القدس الى جنة؟،ولكن دون أن تنقل كل ما تعلن عنه او تصرح به من مشاريع واستثمارات الى أرض الواقع،حتى أن البعض من تلك الشركات الاستثمارية والتي مضى على وجودها سنوات طويلة لم تفتح لها مقراً في القدس،أي ان المقدسيين يسمعون على رأي المأثور الشعبي"طحناً ولا يرون طحيناً"، والمقدسيون أصبحوا يصابون بحالة من الملل وعدم اللامبالة تجاه تكرار ترديد تلك المجموعة من الشخصيات الاقتصادية ورجال الأعمال لنفس العبارات و"الكليشهات" والجمل في لقاءاتها ومؤتمراتها الصحفية التي عقدتها وتعقدها أو تطلب من بعض الصحفيين عقدها لها وما تشتمل عليه من إنشاء وبلاغة دون رصيد للفعل والتنفيذ،وكذلك موضوع الغرفة التجارية لها علاقة وثيقة بقضايا الاستثمار في القدس،فأغلب ما يعلن عنه أو يطرح من وفي تصريحات وبيانات وعطاءات عن الاستثمار في القدس وإقامة مشاريع تجارية وإنشائية وتطويرية وغيرها،لا يجد طريقه للتنفيذ،وهو يأتي في إطار وسياق العلاقات العامة ولفت النظر وتأكيد الحضور،والقدس ليست بحاجة لرجال الاقتصاد والمال الذين يذرفون الدمع على القدس وضرورة الاستثمار وإقامة المشاريع فيها من اجل المساهمة في تعزيز وجود وصمود المقدسين في القدس وتوفير فرص العمل لهم،ولكن في الترجمات العملية لا نرى شيئا على الأرض،وللأمانة والتاريخ،فهناك رجال أعمال واقتصاديين نفذوا مشاريع استثمارية وأنجزوا في القدس وكان لهم بصماتهم الواضحة على الأرض،ولا يحق لنا تجاهلهم أو تغييب انجازاتهم في هذا المجال،فرجل الأعمال المهندس محمد نسيبة إنجازاته في هذا الجانب واضحة وبينه،حيث أقام مشاريع إسكان نسيبة في بيت حنينا وفندق الدار القريب من خط التماس و"مول" الدار في قلب مدينة القدس،هذا رجل يستحق التقدير والتكريم على إنجازاته،،وليس حملة الشعارات ومطلقي التصريحات الصحفية،وكذلك مجموعة شركات علي صلاح اخوان الاقتصادية بقيادة رجل الأعمال اسامة صلاح حققت إنجازات تستحق التثمين والتقدير،ويكفي أن نقدر لها دورها في إنقاذ الفندق الوطني وإعادة تشغيله،والذي كان محط أنظار رجال الأعمال الإسرائيليين ويتحينون الفرصة للسيطرة عليه،ناهيك عن الاستثمارات الأخرى في إطار إقامة مشاريع الاسكان والمحلات والمطاعم السياحية،وكذلك قيام شركة إخوان علي شقيرات بقيادة رجل الأعمال المقدسي علي شقيرات بإقامة مشاريع إسكانية في القدس في اكثر من منطقة من مناطق القدس انجاز يسجل ويحسب لها،ولا ننسى شركة صلاح عمر في قطاع النقل السياحي ودورها في الاستثمار وتشجيع القطاع السياحي في المدينة،وكل رجل أعمال يستثمر في القدس او ينجز فيها مشروع استثماري في أي مجال هو شكل من أشكال النضال وتعزيز الوجود والصمود المقدسي،فعلى سبيل المثال لا الحصر حماية قطعة الأرض القريبة من ما يسمى بمغارة شمعون الصديق من قبل رجل الأعمال المقدسي كمال عبيدات،لعبت دوراً في منع إمتداد وتوسيع المشروع الإستيطاني في تلك المنطقة الحيوية والحساسة،ولكن ما هو مقلق هنا أن حجم الاستثمار في القدس متواضع جداً ولا يرتقي الى مستوى التحدي والطموحات،حيث تغيب الهيئات والشركات الاستثمارية التي تمتلك رؤيا وإستراتيجية واضحتين لشكل وكيفية ونوعية القطاعات التي بحاجة للاستثمار في القدس،أو أنها لديها الخطط والبرامج ولكنها تحجم عن ذلك خوفاً على أموالها،وهي لا تريد أن تدفع ضريبة انتماء للقدس ومساهمة في حمايتها وإنقاذها،فنحن حتى اللحظة رغم وجود مئات،بل ألآلاف الرأسماليين الفلسطينيين في الداخل والخارج،لم نعثر على "مسكوفيتش " فلسطيني واحد يمتلك الجرأة والانتماء لضخ الأموال وإقامة الاستثمارات،التي تحمي القدس من الضياع،وتعزز بقاء وصمود المقدسيين على أرضهم وفي قدسهم.

في مجال الاستثمار هناك قصور واضح من قبل السلطة الفلسطينية والمستثمرين الفلسطينيين،فالسلطة لا تقدم ميزانيات كافية او بالكاد تذكر لتشجيع الاستثمار في القدس،ورأس المال الفلسطيني الطامح والباحث عن الربح يحجم عن الاستثمار في القدس.

وفي النهاية كما قال صديقي الخبير الاقتصادي محمد خضر قرش لا نريد المزايدة في موضوع القدس،ولكن أتمنى من كل عقلي وقلبي أن تقوم الشركات المساهمة والعامة والقابضة وصناديق الاستثمار بنشر قائمة في استثماراتها في القدس،ف"الميه تكذب الغطاس كما يقولون" فالقدس عروس عروبتنا كما يقول المظفر النواب،وليس فقط عاصمة دولتنا المنشودة،فلماذا نريد أن نزيد وجعها وألمها ومأساتها عبر تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع ،ألا يكفي ما يفعله الاحتلال فيها..؟؟الاستثمار في القدس يجب ان لا يكون للتسلية والدعاية والتنزه والهزل ولقتل الفراغ لدى بعض رجال الأعمال وتباهي وتغندر رؤوساء بعض صناديق الاستثمار.

فالقدس تحتاج الى استثمار حقيقي وفعلي يلمسه المقدسي ويراه بأم عينه،وبخلاف ذلك فالسكوت أفضل وأرحم لنا وللقدس.اللهم هل بلغت فاشهد.


CONVERSATION

0 comments: