تسود المجتمعات العربية وخاصة مصر فى الأونة الأخيرة أفة جديدة من أفات ثقافة الشعوب العربية وهى (ثقافة الحوار) فلا المتحدث يتمكن من طرح وجهة نظرة بسبب المقاطعات المستمرة له أو رغبة المتحدث نفسه فى الإستئثار بالحديث لذاته دون إعطاء مساحة من الوقت للاخرين لعرض وجهات نظرهم ، ولايقف الموضوع عند هذا الحد ولكن زد على ذلك تبادل الإتهامات بين المتحاورين وشخصنة المواضيع بصورة أصبحت مالوفة لدينا كشعوب عربية ، فنرى الاصوات تعلو والاتهامات يتم تبادلها بين المتحاورين لدرجة تتفجرفيها المشاعر غضبا لتطغى على كل صوت عاقل – والسؤال الذى يحيرنى هو : من أين تأتي كل هذه المشاعر المليئة بالكراهية ؟ وهل نحن شعوب تعشق المشاحنات وتمارس فرض الرأي وإجبار الناس على قبوله ؟ هل نحن شعوب نختزن في داخلنا عقدا تدفعنا للتنفيس على غيرنا كلما سنحت الفرصة لنا ؟ وقد لايقف الأمر عند عملية التحاور المسموع والمرئى وإنما يمتد اثر ذلك إلى حدة التعليقات على المقالات والمدونات التي تعرض في المواقع الألكترونية والتى أصبحت بعيدة كل البعد عن أداب الحوار واحترام الحريات الشخصية وحق كل شخص في طرح ما يراه من وجهة نظره منطقيا ومعقولا. فقد يصل الأمر ببعض كاتبى التعليقات إلى حدالشتائم وصب اللعنات على المشاركين في النقاش ، وكأننا لسنا أمة دعيت للتفكر ودعوة الناس بالحسنى . وتتجاوز الحدة في النقاشات موضيع الجدل المعروفة (الدين) والرياضة إلى المواضيع الاجتماعية و القضايا العامة وغيرها. فقد يتناول كاتب ما فكرة ما ويمارس حقه في حرية التعبيرويطرح رأيا بمنتهى الهدوء ويبدي وجهة نظره، فينبري له عدد من القراء لتسفيه رأيه والسخرية منه غير مكترثين بالمحتوى ولا بأدب الحوار. ويفضل البعض اللجوء للشتم واللعن بسبب سوء فهم للمقال أو بناء على ما قيل له عن المقال أو لسبب يتعلق بكراهيته لشخص الكاتب وفكره . ويثير هذا الأمر حيرتي وتعجبي، وأتساءل عن الغاية من الشتم أو السخرية في حين أن شخص الشاتم يملك حق اختيارتجاهل الكاتب ورأيه، وأنه ليس مجبرا على اقتطاع جزء من وقته للإنشغال بما طرحه الكاتب - أليس من الأفضل علينا كشعوب عربية إنتفضت للحصول على حرياتها الفكرية أولا أن ترتقى بثقافتنا وأولها ثقافة الحوار مع الأخرين ، أليس من الاجدى عند التحاور أن نحترم حريات الآخرين وحقهم في التعبير؟ لماذا يختار بعضنا التصادم والكراهية وفرض الرأي شعارا له بدلاً من الطرح الهادئ ؟ ليتنا نتعلم ثقافة الإختلاف فى الرأى الذى لايفسد للود قضية ونتعلم ثقافة الحوار فإن أهم اسباب تقدم الدول الكبرى أنهم سبقونا فى معرفة ثمار الإختلاف ومعرفة كيف يكون الحوار
إقرأ أيضاً
-
بعيدا عن ما يحدث في مصر وفي سوريا وفي تركيا حاليا ، وجدت نفسي أعيش أحداث هذا المسلسل ( على مر الزمان ) الذي إنتهى بعرض الحلقة رقم 200 هذ...
-
الإعلاميّة غيدا يونس سألتْه، وهو الشاعر الذي صلّى في محراب لبنان منذ وعى حتى يوم رحيله إلى عالم الأبديّة وجعل لبنان كائناً بأرزته "...
-
** هذه الجرائم التى حدثت لألاف من النساء من الجنود الأمريكان المشاركات فى غزو العراق منذ بضعة أعوام .. يرى البعض أنه لا جدوى من إعادة ال...
-
البطل معدّى المغوّش البطل الذي يقدم نفسه فداءً لوطنه وامته هو اعظم الناس واكبرهم قدراً وهنا نسجل الملاحظة الكبرى والتي يجب تصحيحها ان...
-
تحقيق صحفي من رحم الفيس بوك .تجسد موسوعة قبائل سبيع الغلبا للشيخ منصور بن ناصر النابتي المشعبي السبيعي ملحمة رقمية معاصرة لأنها اطل...
-
في نهاية الأسبوع الفارط، كنت أمشي الهوينا عبر المسالك الملتوية للغابة الموحشة، أتنسم أريج الجريد وأهش بوحدتي على صخب كثيرا ما رافقني منذ ...
-
تجتذبني روايات الخيال العلمي فكلها ترتكز على رؤية مستقبلية في تخطيها للزمن الحاضر و استشرافها لزمن مستقبلي غيبي لا تدركه المدارك العقلية...
-
اعدها وقدمها : عبدالواحد محمد الدكتورة والشاعرة والاديبة موهيبة خليل بنت حيفا الفلسطينة تملئ النفس بهجة من الاسفار لولعها بالعمل...
-
استحضر جيدا كل تلك الشعارات الرنانة التي حشرت بها فظاعيات البترودولار عقولنا مع بزوغ شمس ما اصطلحوا عليه "الربيع العربي" وا...
-
محير ومربك حال الرئيس ميشال سليمان وهو المؤتمن على دستور البلاد، ومؤسف ومحزن ومعيب تعاميه الاختياري كلياً بغير بعض التصريحات الخجولة عن...
0 comments:
إرسال تعليق