استخسروا
بنا الحرية، استخسروا بنا دساتير ديمقراطية، استخسروا بنا الفكر الحر و الحريات
الدرامية و احتكروها لأنفسهم بكل أنانية و كأنا الديمقراطية مادة مسجلة بإسمهم في
الغرب، بل قاموا بتصدير كل حركة متشددة تعتمد على الجهاد و التكفير الى بلادنا
العربية بخطوة غير مسبوقة و غير مبررة و كأن المُراد هو الإنتقام من السلام و
الإستقرار الذان لطالما تمتعنا بهما في البلاد العربية، سفكوا دماء العرب بكل
قسوة...قُطِعَتْ هامات بشر من قِبَلْ مَنْ يعتقدوا أنهم يرضون الله و بِرًهُ...تَدَنًسَتْ
دور عبادة للمسيحين في بلاد الشام و مصر و تهدمت من دون أدنا اعتبار للحرية
الدينية التي تنادي بها الامم المتحدة...تم مهاجمت الأزهر الشريف بكل قسوة و كأنه
حوزة دينية لدين آخر غير الإسلام...قُتِلَ بشر مدنيين و كادحيين لا يسعون إلًا
للقمة العيش بإسم دعم الشرعية التي رفضتها الثلاين من يونيو من عام 2013...تمت
مهاجمة الأُسَرْ و الأطفال الذين هم أحباب الله و قَتْل تلك الملائكة الصغيرة بإسم
دَعْم الشرعية التي عزلها الجيش...جُرِدَتْ النساء من شرفها بكل قسوة كما نقراء
بالصحف بإسم دعم الشرعية و إرْتُكِبَتْ بِحَقِهَا أبشع الخطايا التي نهى عنها
الدين و الأخلاق...
هاجموا
الحريات الفنية و نَعَتوهَا بِأَكْرَهْ العبارات غير مُكْتَريثينْ لِمَشَاعِرْ و
احاسيس الراي العام و الحياء العَام، فاض الإعلام في مصر مِنْ شكاوي عدة فنانين و
من بينهم الفنان عادل إمام و الفنانة إلهام شاهين الذين عانوا من الهجوم على
مناخهم المهني و التجريح بِحَقِهِمْ، بل ذَرَفَتْ هذه الفنانة الدموع و هي تُجْرَحْ
بكل قَسْوَة من قِبَلْ ابناء هذه المدارس المتشددة لأنها تُمَارِسْ عَمَلِهَا كَمُمَثِلَة
ليس إلًا، تهجموا على الاثار العامة و هددوا بِهَدْم تُراثْ أربعة الاف عام من
الإنسانية غير مُدْركينْ انها مُلْك للعلم و للإنسانية حول العالم و لِوِصَايَةْ
الأُمَمْ المُتَحِدَةْ...نَظًموا التفجيرات الكبيرة لِزَعْزَعَةْ الأَمْن المِصْري
و الذي ذَهَبَ بِسَبَبِهَا الأرواح البريئة، أَعْطوني خَيْراً و مَعْروفاً صَنَعوه
و هُمْ يطالبوا بِعَوْدَةْ الشَرْعِيَة لكي نقول كَطَبَقَاتْ مُثَقًفَة ان مَعَهُمْ
حَقْ بالمُطَالَبَة بِهَذِهِ الشرعية...فَمِنْ الواضح ان هذه الشرعية لا تُعَلِمْ
إلًا القتل و الدَمَارْ و انتهاك الأعراض و سب الرموز الدينية مِمَا يدفعني
للسؤال...هل هذه الأخلاق التي يُعَلِمُهَا الرسول (عليه الصلاة و السلام)؟ فَمِنْ
أخلاقه يتمثلوا المسلمين حول العالم،
أنا أعلم انً أخلاق المسلمين ارقى بكثير فَلَطَالَمَا عِشْنَا بينهم نتقاسم
رغيف واحد في بلادنا و نَعيشْ بِكُلْ تَنَاغُمْ و مَحَبَة و سلام...هذا هو المُسْلِمْ
الحقيقي فالمُسْلِمْ من سَلِمَ الناس مِنْ لِسَانِهِ و يَدِهِ...أَلَيْسَ هذا
تعليم الرسول (عليه الصلاة و السلام)؟ فَبَعْد ثورة الثلاين من يونيو مِصْر كانت
كالكَبْش الذي ثار فَجْأَةً و أَكَلَ لَحْمَهُ و لَحْم أَوْلادِهْ...فإذا كانت هذه
هي الشرعية التي فَقَدَتْهَا مصر فلا أَظُنُهَا سَتعودْ لِأَنًهَا لَمْ تَزْرَعْ
الخير بعد يونيو من 2013، بل سَفَكَتْ دَمْ المسلمين الذين يُنَادوا أَنْفُسَهُمْ
بالوَسَطيينْ و كأنهم يَتَعَبًدونْ لإله غير الله و يكرموا رسول غير محمد (صلى
الله عليه و سلام)، هان على تلك الأُمًة دَمُهُمْ و لَحْمُهُم فابرعوا بِتَمْزيقْ
لُحومْ أَتْبَاعَهَا كآكلي لحوم البَشَرْ الذي يَأْكُلونْ مَنْ هُمْ مِنْ دون جِنْسِهِمْ
و يَشْربونْ دِمَاءْ أَطْفَالْ مَنْ لا يَنْتموا إلَيْهِمْ...الرسول لَيْسَ من
آكلي لحوم البشر فَهُوَ مَنْ مارس الرَحْمَة و آمر حتى بِعَدَمْ قتل الشيخ و
المرأة و الطفل بالحَرْب...فَهُوَ مَنْ رأى بالكنيسة ملجأً لَهُ وَقْت اضطهاد أَهْلَ
قُرَيْش لدعوته و ارسل صَحَابَتَهُ لِلْنَجَاشي مَلِكْ الحَبَشَة المسيحي لِيَلْتَجِؤا
اليه...و عمر ابن الخطاب (رضيَ الله عنه) مَنْ صَلًى بِجَانِبْ الكنيسة كي لا
تُهْدَمْ بعد ان دخل القُدْس و أَبْرَمَ على العهدة العمرية...
أَقولْ
بَعْد الذي رأيته في مصر بعد ثورة يونيو أهلاً بالحُرِيَةْ و الدستور المصري
الجديد الذي سَيَجْري الإسْتِفْتَاءْ عَليهْ في مُنْتَصَفْ هذا الشَهْر الحالي...نَعَمْ
و أَلْف نعم لدستور يَعْدِل بين الفئات الإجتماعية و الدينية المختلفة للمصريين فقد
رَسًخَ مفاهيم الديمقراطية مِنْ جديد في مصر...حَافَظَ على روح المواطَنَة و لم يُمَيِزْ
بَيْن مسلم و مسيحي و بين إنْسَان سليم و ذوي الإحتياجات الخاصة لِيُحَافِظْ على
اللُحْمَة الوطنية المِصْرِيَة بصورة شَامِلَة و كَامِلَة...إنْطَلَق مِنْ الحرية
التي زرعها الله في حياة الإنسان و الإرادة الحُرًه التي يَتَمَتًعْ بِهَا و مَفَاهيمْ
الديمقراطية لِيُعْطي روح جديدة للحياة السياسية المصرية بعيداً عَنْ التَعَنُتْ و
التعصب و التَشَدُدْ و الرؤية المَحْدودَة، دستور عَارَضَ التَمْيِزْ بِكُلْ
ابعاده و التحريض على العُنْصُرِيَة لِيُضْفي مَفَاهيمْ جديدة إنسانية لمؤسسات
الدولة و الحَيَاة البرلمانية لكي تَخْدِمْ فَقَطْ مَصْلَحَة المواطن المصري، و قد
كَفِلَ الحُرِيَاتْ الفَنِيَة و حُرِيَةْ الإبداع الفِكْري في بُنودِهِ لِتُصْبِح
مُحَصَنًة ضِدْ اي اعتداء لِيُؤَمِنْ حُرِيَة فِكْرِيَة و حُرِيَة فَنِيَة و ثَقَافِيَة
مثالية بِكُلْ معنى الكَلِمَة، هذا الدستور هو ارض صَلْبَة لِصِيَاغَةْ القوانين التي
سَتَحْكُمْ حَيَاةْ الدَوْلَة الإقتصادية و البرلمانية و التشريعية و القضائية و تَضْمَنْ
المؤسسات اللازمة لكي تكون مُؤَسَسَاتْ الدولة فاعلة بصورة جيدة و لكي يَدْفَعْ
البلاد للأمام، و للذي يقول أَيْن الدين مِنْ كُلْ هذا أقول ان مصر لَمْ تَخْلَعْ
عنها روح الإسلام بل بقي الدين الإسلامي هو دين الدولة و الحوزات الإسلامية فَاعِلَة
بِمِصْر و بقي الشَرْع فاعلاً لكي يَحْكُمْ بين الناس و الذي تَغَيًرْ هُوَ ان
الدستور نَظَرَ للمصريين بناءا على جِنْسِيَاتِهِمْ لا على ديانتهم، لأن مصر هي
بلد جمهوري لِتَأْخُذْ الدولة شرعيتها من المواطن المصري ككيان بشري لا فقط من
المسلمين، و إلا سَتَسْقُطْ الديمقراطية من حياة الدولة المصرية لأن المسيحين لا صَوْت
لَهُمْ و سَتَتَحَوًلْ الى دكتاتورية إذا مارست العنصرية ضد فئات الشعب المصرية، و
كما وهب الله نفس السِمَاتْ الإنسانية لِكُلْ البَشَرْ مِنْ عَقْل مُفَكِرْ و نَفْس
خالدة و ارادة حُرَة وايضا جَسَدْ بشري سليم بِصَرْف النظر عن دينهم و عِرْقِهِمْ
لتكون هذه المفاهيم القاسم المشترك بين كل البشر و لتعطي هذه السِمَات الإنسانية شَرْعِيَتِهَا
بحياة البشر كذا فعل الدستور المصري فَأَعْدَلَ بين كُلْ المصريين...
أَلْمَسُ
حِسْ انساني رائع بِبُنودْ هذا الدستور فَأَصْغَيْت لِمَعَالي عَمْر موسى و هو يُعْلِنْ
نَصَهُ و يَشْرَحْ عَنْهُ في جَلَسَاتْ التصويت على الدستور بِلَجْنَة الخمسين الذي
بَثًتْهَا مَحَطَاتْ الفضائية...فَهَلْ سَيَقولْ المواطن المصري لا للإنسانية و
سيوافق على شَرْعِيَة شَجًعَتْ ابناءها على القتل و الدَمَار؟ هل سَيَفْخَرْ المصريون
و المسلمون بالقتل و الدمار امْ بِدَسْتور يَحُثْ على الإنسانية و المُسَاواة و
العَدْل؟ أنا مُتَأَكِدْ انْ الأغلبية السَاحِقَة من المصريين سَتَتًجِهْ الى
صناديق الإقتراع لِتُصَوِتْ على هذا الدستور بِنَعَمْ لأنه لا بديل عَنْ هذا
المشروع الذي عَبًر عَنْ رَأْيَهُمْ بِكُلْ صَلابَة و شُمولِيَة و سَيؤَمِنْ لَهُمْ
حياة سياسية مُسَتِقَرة،
0 comments:
إرسال تعليق