ردي على جورج هاشم/ يحيى السماوي

رحم الله أبا الأسود الدؤلي القائل : 
لا تنهَ عن خلق ٍ وتأتيَ مثلهُ
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ

ورحم الله جبران خليل جبران القائل : "من حسنات الناس أنهم لا يستطيعون إخفاء سيئاتهم طويلا".

والسلام على المسيح القائل : " لاتدينوا لكي لا تدانوا " 

تذكرت ما تقدم أعلاه وأنا أقرأ سطور السيد جورج هاشم الحافل بالمغالطات.. فالسيد المذكور يعتبر توصيفه لبعض الأدباء الذين فازوا بجائزة جبران خليل جبران بالأقزام أنه اختلاف في الرأي، وقد تناسى  ـ أو تجاهل ـ أن اختلاف الرأي ليس مسخا لكرامة الآخرين والتطاول عليهم والإفتراء عليهم كافترائه على مسؤولي رابطة إحياء التراث ببيع ضمائرهم بما أسماه بـ "حفلات ومناسبات واستمتاع بالمأكولات اللبنانية اللذيذة"  ( اللغة لم تخدمه فكتب غير ما يريد قوله ـ لأن فيليب رادوك قطعا لم يقِم لمسؤولي الرابطة حفلات استمتاع بالمأكولات اللبنانية... لعله أراد العكس، وبالتالي فالمفروض بفيليب رادوك أن يكون هو الذي يُكافئ مُطعِميه)!
السيد جورج يُدينني لاستخدامي كلمات مثل: "عريان، عورة نرجسية، سحلية، قيح الحقد، نفث حقده، انه قزم، نفسه صغيرة، السروج، التيوس، زرائب الحقد، مستنقعات" وأنا أسأله : إذا كانت مثل هذه الكلمات مُعيبة فما رأيك بورود الأكثر منها في القرآن الكريم مثل: "سكارى، الشيطان، إبليس، الكافرين، بئس المصير، الرجيم، الزانية، الزاني، السارق، خادعون، أشرار، بعوضة، فاسدون، دُبُر، فـُرُوج، يذبحون، يعتدون، قردة خاسئين؟)

وفي الكتاب المقدس : (دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ مِثْلُ الْحَلِيِّ / سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ لاَ يُعْوِزُهَا شَرَابٌ مَمْزُوجٌ / ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْنِ / نتلذذ بالحب لان الرجل ليس في البيت /هَا أَنَا أَحْشِدُ جَمِيعَ عُشَّاقِكِ الَّذِينَ تَلَذَّذْتِ بِهِمْ / إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْراً اللَّيْلَةَ أَيْضاً فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً / مَاذَا تُعْطِينِي لِكَيْ تُعَاشِرَنِي؟)

وفي نشيد الإنشاد نقرأ: (يقبلني بقبلات فمه لأن حُبك أطيب من الخمرة لرائحة أدهانك الطيبة اسمك دُهن مهراق. لذلك أحبتك العذارى. اجذبني وراءَك....) 

هذه عيّنات من الكتب المقدسة، فما رأي "مولانا جورج هاشم"؟ هل يُفتي بأنّ قائلها داعشيّ ـ على غرار فتواه التي اكتشف فيها أنني داعشي وأمارس إرهابا فكريا لوجود كلمات بعينها وُجِدت مثيلاتها والأكثر منها في الكتب المقدسة؟

إنّ كلّ مفردة قبيحة قد تكون جميلة في سياق الجملة.. فمفردة "سفّاح"  مثلا ستكون جميلة في جملة: "الموت للسفاح" ... ومفردة "حب" الجميلة ستكون قبيحة في جملة مثل: " أكره حبّ إسرائيل لرؤية الدم العربي"... إقتطاع المفردة من سياق الجملة دليل خبث، كقولنا "لا تقربوا الصلاة" دون إكمال الجملة: وأنتم سكارى.

أيهما الداعشيّ: الذي يتطاول على الآخرين ويعتبرهم أقزاما ويفتري على رفاق أمسه؟ أم الذي يُدين هذا التصرّف اللا إنساني؟ 

يقول السيد جورج: "اسحبوا الجائزة من رادوك قبل فوات الاوان"... عجباً! كأنّ به مقرر لجنة الجائزة!

لندقق جملته: "دخل رادوك المجلس النيابي سنة 1973. وهو النائب الوحيد الباقي في المجلس منذ فترة العملاق غوف ويتلم" 

أسأله: الشعب الأسترالي شعبٌ عريق بديمقراطيته وواع... فهل كان سيُبقي رادوك عضوا في المجلس النيابي منذ عام 1973 وحتى الان ونحن نوشك أن نطوي عام 2014؟ ألا يعني بقاؤه أنّ له منجزا ما ـ على الأقل لخدمة شعبه؟ 

يقول السيد جورج: "بينما اصبح العراق اليوم المقر والمصدِّر لقوى الارهاب من بلاك واترز"... حسنا: ماعلاقة رادوك بما يجري في العراق؟ وما علاقة العراق ببلاك واترز؟ ومتى صدّر العراق قوىً إرهابية؟ حتى جُحا يعرف أن الدول الأخرى هي التي تصدّر الإرهابيين الى العراق، فلماذا هذا الإفتئات على العراق؟ 

يطالب بحجب الجائزة عني لأنني أدنتُ تطاوله على جمع ـ وليس على فرد كما يزعم... لنقرأ قوله حرفيا: "منحت الرابطة جائزة جبران لعمالقة كما منحتها لاقزام"... كلمة أقزام تدلّ على جمع وليس على مفرد... أما إذا كان السيد جورج لا يعرف الفرق بين الجمع والمفرد، ولا يميّز بين "أقزام" و "قزم" فذلك يعني أنه غير مؤهّل لفرض وصايته والإمتثال لفعل الأمر: إسحبوا!! أليست صيغة جملة الأمر: "اسحبوا الجائزة من رادوك قبل فوات الاوان "صيغة من صيغ الإرهاب الفكري؟ وماذا بعد فوات الأوان؟ صحيح أن السيد جورج لايقصد التهديد ـ لكن الصحيح أيضا أن صيغة الجملة تتضمن تهديدا  دون أن يدري (ربما بسبب فقره اللغوي ـ وهذا دليل آخر على عدم أهليته لفرض وصايته على لجنة الجائزة).

لعل السيد جورج لا يعرف أنّ جائزة نوبل للآداب ليست لها شروط  شروط معلنة.. إذ يمكن تقديم اقتراحات الترشيح من قبل أساتذة الآداب والبحث اللغوي وأعضاء الأكاديمية السويدية والهيئات المشابهة ورئيس رابطة الكُتاب الممثلة... إقتراحات وليست أوامر يصدرها قارئ ما أو عضو سابق في رابطة أدبية له موقف شخصي مع هذا العضو أو ذاك أو لأنه لم يحصل على جوائزها... الأمر نفسه بالنسبة لجائزة العويس العربية وغيرها الكثير.

تقول الحكمة إن السمكة التي تغلق فمها تنجو من الصنّارة .

وعودا على بدء : 
رحم الله أبا الأسود الدؤلي القائل : 
لا تنهَ عن خلق ٍ وتأتيَ مثلهُ
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ

ورحم الله جبران خليل جبران القائل : " من حسنات الناس أنهم لا يستطيعون إخفاء سيئاتهم طويلا " .

والسلام على المسيح القائل : " لاتدينوا لكي لا تدانوا "

***
ملاحظة مهمة: لو لم أقرأ  ـ مصادفةـ خبر تكريمي المنشور في صحيفة المثقف بهذه الجائزة التي أكنّ لها عظيم التقدير، لما عرفتُ شرف فوزي بها مع الفائزين الأجلاء. 
***

CONVERSATION

0 comments: