قصة قصيرة بعنوان : شحاده الـمُـنَـجِّمْ/ محمود شباط

وصل البَغّالُ الغريبُ، "شحاده الـمُـنَجِّـم" كما يسمُّونه، إلى ساحة القرية، حـيَّـا الرجالَ الذين بدا بأنه يعرفهم بأسمائهم. جلسَ على حجر كبير اعتاد الجلوس عليه، رسنُ بغلتهِ بيدٍ وبالأخرى سبحـتُـه الطويلةُ ذات الحبوب الضخمة، ربط الزمامَ بجذعِ شجرةِ التينِ ثم تفرغ للبدء بكشفِ حظوظ الرجال.
كان النجَّارُ خليلٌ يراقبهم مُستخِـفّـاً ومُستغرباً تركيز أولئك البسطاء  على ما يخـبِّـىء لهم المستقبلُ غير آبهين بما للماضي والحاضرِ من تأثيرٍ على المستقبل. وبعد أن انتهت حفلةُ شحاده الاستشرافية مع الرجالِ سأله خليلٌ فيما إذا كان باستطاعته و"قرينه الجـنِّـي" أن يأخذاه في رحلةٍ قصيرةٍ إلى الماضي فردَّ شحاده على الفور بالإيجاب.
التقى خليلٌ في رحلتهِ بوجوهٍ غاليةٍ عزيزةٍ رحلتْ على فترات متباعدة، رأى شقيقـتَـهُ هدوة ذات السَّنوات الأربع لا يزال وجهُها البريء الملائكيّ الجميل كما يتذكّـرهُ حينَ كانتْ على قيدِ الحياة، وكذلك أباهُ وأمَّـه وعمّاته وعمّاه وجدَّهُ وجدَّتَـه وابنة عمته الصبية ومهنا ابن عمه ذا الرابعة عشرة وأصدقاءَ طفولةٍ وأقارب.  
اتَّـشحَ وجهُ خليلٍ بأسى أصفر عميقٍ فـعرف شحاده بأن الحزن على من غاب ورعدةَ خشيةِ  رحيلِ البشرِ يجتاحان صاحبَه خليل، شرع شحاده يُطـمْـئِـنهُ على مُستقبلهِ فرد خليلٌ بأنّـهُ لـيْـسَ قلقاً وبأنه موقنٌ بقدر اللقاء وحتميته، ولكنّه كان في قرارةِ نفسهِ يتمنّى أن يطول أمد اللقاء ما أمكن، وحين يأتيه أن يكونَ نائماً، وأن لا يقول له شحاده عن موعد حلول اللقاء ... إن كان يعرفه. 

الخبر في : 23/03/201

CONVERSATION

0 comments: