
ولكن التطور الهام جداً في تلك الإستدارة،قيام السيسي بزيارته لموسكو،وفي خطوة غير مسبوقة في تاريخ البرتوكولات الرسمية،يقوم الرئيس الروسي بوتين بإستقباله في بيته الخاص ويثني ويمتدح ترشحه للرئاسة المصرية،وكذلك يعقد السيسي الصفقات من أجل شراء كميات ضخمة ومتنوعة ومتطورة من السلاح الروسي،،وهذه خطوة لها الكثير من الدلالات والتأثير على السياسة والمشروع الأمريكي في المنطقة،فالرد الأمريكي على تلك الزيارة وما قاله بوتين وإمتداحه لترشح السيسي للرئاسة لم يتأخر،بل أشعل الضوء الأحمر أمام الإدارة الأمريكية،وباتت على قناعة بأن السيسي يخطو خطوات متسارعة نحو الطلاق مع الخيار والمشروع الأمريكي في المنطقة،وفي هذا السياق قالت الإدارة الأمريكية،بأن مسألة الرئاسة المصرية،ليست شأناً روسياً.
وثمة متغيرات أخرى تحصل في المنطقة،منها ما يحصل على الجبهة السورية،حيث ان النظام السوري بدأ يسيطر على الأرض ويمسك بشروط الحل السياسي،ولعل معركة يبرود- عرسال،والحسم فيها ستكون حاسمة لأي حل سياسي في سوريا،حل يفرض على الأطراف المشاركة في جنيف (3) بأن تكون الأولوية في التفاوض ليس لجهة تغيير النظام،والمرحلة الإنتقالية بالصلاحيات الكاملة،كما تريد ما يسمى بقوى إئتلاف المعارضة المشاركة في جنيف(3)،بل لمحاربة الإرهاب،والقيادة الإسرائيلية قالت بشكل واضح بأن نجاح النظام السوري وحزب الله في تدمير تحصينات يبرود،والتي هي أقوى من التحصينات الإسرائيلية،فإن هذا يعني بأن حزب الله سينجح في إقتحام التحضينات الإسرائيلية،ولذلك تعاظم قوته هذا يعني بأن لا مناص من شن حرب إسرائيلية عليه،التخوف والرعب الأمريكي والأوروبي الغربي والخليجي المشيخاتي وقوى الرابع عشر من آذار في لبنان،نابع من ان الحسم في تلك المعركة،يعني ان عليهم إستقبال ألآلاف الإرهابيين والقتلة الداخليين الى لبنان،والمخاطر المترتبة على عودتهم لبلدانهم من بعد ذلك ووصول الإرهاب الى عقر ديارهم.
والمتغير الإستراتيجي الآخر هو،ان هناك تسليم امريكي بأن ايران سواء امتلكت السلاح النووي أو لم تمتلكه،أضحت قوة إقليمية لها مصالحها ودورها وتأثيراتها الكبيرة في المنطقة،في أكثر من ساحة ومنطقة من أفغانستان ومروراً بالعراق فسوريا ولبنان وحتى فلسطين والخليج العربي،وبالتالي،هي لم تستطيع ان تفعل معها كما فعلت مع العراق من غزو وتدمير وإحتلال،لكي تبقى اسرائيل قوية ومتسيدة في المنطقة،فهي ستلتزم معها في الإتفاق حول مشروعها النووي،لأن ذلك مصلحة امريكية بالدرجة الأولى،وهي لن تسمح لا للسعودية ولا لإسرائيل بتخريب هذا الإتفاق،فإيران قادرة على ان تلحق خسائر كبيرة في المشروع والمصالح الأمريكية في المنطقة،إذا ما حاولت الإعتداء عليها.
هذه المتغيرات ذات البعد الإستراتيجي،قد لا تظهر نتائجها بشكل سريع جداً،ولكنها تكون ملامحها وشكلها وطبيعتها قد ترسمت بشكل كبير في السنوات الخمسة القادمة،وهي قد تمس بشكل جدي المشروع الوطني الفلسطيني،فالبقدر الذي تتوحد وتصمد الحلقة الفلسطينية،بالقدر الذي يمكنها من الإفادة من تلك المتغيرات،ولذلك نرى بأن الإدارة الأمريكية ودولة الإحتلال،مع عدد من مشيخات النفط والكاز العربي،يستعجلون الإجهاز على المشروع الوطني الفلسطيني،قبل أن تحسم تلك التغيرات الإستراتيجية.
0 comments:
إرسال تعليق