سايد مخايل في كتاب "القلب المفتوح": وشم على جسد الذاكرة/ فؤاد نعمان الخوري

يحاول الصحافي والشاعر سايد مخايل التقاط اللحظات الهاربة وتثبيتها في كتاب يحفظها من الاندثار. كأن كتابه الأخير "القلب المفتوح" وشم على جسد الذاكرة الجماعية، ومرآة صادقة تعكس كرم المنتشرين وحماس الزائرين. "القلب المفتوح" يروي حكاية الخط المفتوح بين لبنان واستراليا، بالصورة الملونة والتفاصيل المدونة بصبر واتقان؛ فجاء الكتاب مجلّداً انيقاً وفخماً يحمل عطراً من أصابع سدني ومطابع بيروت.

حديثة هي هجرة اللبنانيين الى استراليا، فالجرح كما القلب دائماً مفتُوح: فالتواصل والتفاعل لا ينقطعان، وعيونهم مسمّرة أبداً على شاشات الفضائيات والصحف و...الفايسبوك. يضيء سايد مخايل على تلك العلاقة الحميمة ويرصد تجليّاتها بين العامين 2008 – 2012 مع الوعد بكتاب ثانٍ يؤرخ للسنوات اللاحقة. ومن غير الصحافي يستطيع أن يبحث ويجمع ويبوّب وينسّق المعلومات؟ هنا يصير "التوثيق" عملاً مضنياً خبره سايد حين وثّق رحلة البطريرك صفير الى استراليا في كتابه "رحلة الانقاذ"، كما الصحافي  الاستاذ انطوان قزي في كتابه "وجوه مشرقة".

لكن سايد مخايل شاعر ايضاً، ومن حقنا ان نطالبه بديوان جديد. فاذا كان "القلب المفتوح" سجلاً للجماعة، يقى الشعر سجلاً للشخص المتفّرد وسط الجماعة. وهل اصدق من شاعر يصف تجربته في الوطن والغربة، في الحزن والفرح، في اليأس والأمل، وفي رعشات القلب المفتوح!  في الشعر ايضاً يصير التاريخ الشخصي قبساً من تاريخ المجتمع في لحظة معيّنة من الزمن، وتمسي القصيدة قطرة ندى على نشرة الأخبار وافتتاحيّة "الأنوار".

ويبقى السؤال: هل بقيت لنا ذاكرة تتسع للكتب في عصر الاصدارات الالكترونية والصحافة اليومية؟ لعلّ افضل اجابة هي قول الشاعر العربي القديم:" وخيرُ جليسٍ في الأنان كتابُ!" طُوبى لمن يكتب ولمن ينشر ولمن يقرأ، وعافاك الله يا سايد!

CONVERSATION

0 comments: