إنهم يغتالون الثوريين/ راسم عبيدات

قناعتي الشخصية بأن القائد الأممي ورئيس الجمهورية الفنزويلية الراحل "تشافيز" قد جرت عملية تصفية واغتيال له كما جرى اغتيال حملة المشاريع والبرنامج والأفكار التقدمية والثورية والتغير والتمرد على المركز الإمبريالي من قبله،فكانت البداية بالرئيس الراحل الكبير عبد الناصر صاحب شعار ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة،وحامل راية المشروع القومي العربي الوحدوي،وما يمثله ويحمله هذا المشروع من مخاطر على القوى الامبريالية والاستعمارية والصهيونية ومصالحها في المنطقة،وحتى يتم إجهاض هذا المشروع وقتله،كان لا بد من التخلص من حامل هذا المشروع،وخصوصاً أن تلك القوى الإستعمارية،لم ولن تنسى ولن تغفر،لعبد الناصر ما قام به من تحديات للغرب بتأميم قناة السويس وبناء السد العالي،ونشر الفكر والوعي القومي على المستوى العربي،وغدا عبد الناصر رمزاً عربياً  تهتف بحياته الجماهير العربية من محيطها الى خليجها،وأخذ مصر لدورها القيادي عربياً وإقليمياً ودولياً في عهده،وأظن أنه جرت تصفيته بالسم الذي دسته له المخابرات الأمريكية والغربية،وفي المستقبل ستتكشف هذه الحقيقة،وبموت عبد الناصر،رأينا حالة التراجع التي أصابت الفكر والمد القومي العربي،لصالح حملة مشاريع القطرية والمهادنة،وأوراق الحل بيد أمريكا،ولتنتقل الأمور بعد ذلك الى المشاركة والتآمر مع القوى الإمبريالية والإستعمارية من قبل قادة النظام الرسمي العربي على قضايا الأمة العربية،وفي القلب منها القضية الفلسطينية.
وبعد ذلك جرى اغتيال العقل المدبر للعمل العسكري في الجبهة الشعبية الرفيق القائد وديع حداد"أبو هاني"،والذي وجه ضربات موجعة ومؤلمة للمصالح الصهيونية والإمبريالية في المنطقة والعالم،وشكل وجوده هاجساً وعامل رعب للغرب الاستعماري والصهيونية العالمية،ولذلك كان لا بد من اغتياله وتصفيته،ليس من منطلقات الثأر فقط،بل لما شكله الرفيق القائد وديع حداد من حالة ثورية وكفاحية على مستوى العالم،وأضحى نموذجاً ورمزاً لكل حركات التحرر والمظلومين والمضطهدين والمعذبين في العالم،ولتجري تصفيته لاحقاً من خلال دس السم له في قطعة شكولاته،حسب اعتراف جهاز الموساد الإسرائيلي بذلك.وبعد ذلك جاء دور  الرئيس الراحل أبو عمار،حيث رفض التوقيع على دولة فلسطينية بدون القدس،وكان توقيعه باسم منظمة التحرير الفلسطينية مطلوباً لتصفية القضية الفلسطينية والمنظمة وقضية اللاجئين الفلسطينيين،وعندما رفض  جرت محاصرته في مقر المقاطعة برام الله،وتحول من رجل سلام الى "إرهابي"لكونه لم يستجب للضغوط والشروط والإملاءات الأمريكية والإسرائيلية،ولتجري لاحقاً تصفيته بنفس الطريقة التي صفي بها عبد الناصر ووديع حداد من خلال دس السم له في الأكل،وحتى اللحظة الراهنة لم تتضح حقيقة الجهة والطريقة التي تم فيها تسميم القائد الراحل أبو عمار،ولكن أياً كانت الطريقة والأدوات التي استخدمت في التنفيذ،فأصابع الموساد والمخابرات الإستعمارية الغربية،هي المتهم الأول والرئيس في هذه القضية،وحتماً ستتكشف هذه القضية مستقبلاً وتثبت صحتها.
والآن جاء دور  الراحل الكبير تشافيز المتمرد على المركز الامبريالي وعلى وصفات مؤسسات النهب الدولية (البنك وصندوق النقد الدوليين) بشأن التنمية في فنزويلا والناشر للثورة في أمريكا اللاتينية والذي غدا رمزاً لكل الأحرار والثوريين في العالم،وقد جرت محاولة سابقة في عام /2002 لإبعاده عن الحكم من خلال الإنقلاب عليه،ولكن الجماهير الشعبية بعد 48 ساعة أعادته الى الحكم،وحينما أدركت القوى المعادية،بأنها لن تستطيع إسقاط تشافيز،او الحد من تأثيراته ودوره الأممي والعالمي،عبر الوسائل السلمية،او من خلال صناديق الإقتراع،كان لا بد من تصفيته من خلال وسائل لآ تظهر دوراً أو تورطاً مباشراً لأمريكا  والغرب الإستعماري في التصفية،فأمريكا لا تنسى ولن تسامح تشافيز،على تصفية مصالحها في فنزويلا،ولا عن دوره في تهديد تلك المصالح في حديقتها الخلفية (أمريكا اللاتينية)،حيث إجتاح الفكر اليساري الثوري العديد من بلدان تلك القارة،وليسقط العديد من الأنظمة التابعة لأمريكا والدائرة في فلكها في تلك القارة،وأيضاً هو الوحيد من بين زعماء العالم،الذي تحدى أمريكا،وقام بزيارة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين،عندما فرضت أمريكا ودول التحالف الغربي حظراً جوياً على العراق،قبل إحتلاله ونهب خيراته وثرواته،وهو الوحيد أيضاً من طرد السفير الإسرائيلي في كاراكاس،عندما قامت اسرائيل بعدوانها على شعبنا في قطاع غزة أواخر عام/2008 .
ولهذه الأسباب ولغيرها فإن تشافيز كان هدفاً للتصفية من قبل أمريكا وأصحاب المصالح الرأسمالية وأساطين المال في فنزويلا.

نعم إنهم يغتالون الثوريين،ويريدون قتل كل فكر ثوري،ففي ذلك تهديد لوجودهم ومصالحهم ودورهم وأهدافهم،وهم في ظل العولمة والتوحش والتغول الرأسمالي،مستعدين لإرتكاب مجازر ومذابح وليس فقط تصفيات لقادة وزعماء،واظن ان الدور قادم على سماحة الشيخ حسن نصر الله أو أحمد نجاد الرئيس الإيراني،فهؤلاء مصنفين ضمن محور الشر و"الإرهاب" وفق التصنيفات الأمريكية،وهم يستشعرون خطراً على مصالحهم وعلى اسرائيل ودورها في المنطقة،وخصوصاً وأن ايران تتحول بخطى حثيثة نحو دولة إقليمية لها دورها وتأثيراتها على اكثر من جبهة وساحة،وتحولها هذا وإصرارها على إمتلاك السلاح النووي،يعني دخولها على ملعب وساحة المصالح ومناطق النفوذ الأمريكية في الخليج تحديداً،فإيران لها تأثيراتها ونفوذها في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والبحرين وحتى السعودية ومصر.
أما حزب الله،فترى اسرائيل وأمريكا بأنه ذراع ايران القوية في المنطقة،وتعاظم قوته العسكرية أصبح يشكل خطراً جدياً على حلفاء أمريكا واسرائيل في لبنان من جماعة 14 آذار،وعلى اسرائيل نفسها،والتي لم تستطع هزيمة هذا الحزب،عندما خاضت لأول مرة في تاريخ وجودها حرباً بالوكالة عن أمريكا،وشنت حرباً عدوانية على لبنان وحزب الله في تموز/2006 ،من أجل إقامة ما يسمى بالشرق الوسط الجديد الأمريكي.
نعم كل الثوريين والملتصقين بهموم وقضايا شعوبهم،سيبقون مطاردين من قبل القوى الإستعمارية والرأسمال المعولم والمتغول والمتوحش،والرئيس الفنزويلي الراحل نصير الشعوب المظلومة والمضهدة،والذي كان له شرف مشاركة حشود بشرية هائلة وكبيرة في مراسيم جنازته،غاب عنها المنهارون والأذلاء والحقراء من القادة العرب،لأنه لا يشرفه حضورهم ،لأن في ذلك تدنيس لجنازته،لمن اختاروا الذل والمهانة والتأمر على أمتهم وشعوبهم،وبيع قضاياهم بأبخس الأثمان.

CONVERSATION

0 comments: