تعقيب على مقال الأديب شربل بعيني: السرقات الأدبية في أستراليا/ محمود شباط

بين السرقة الأدبية وتوارد الأفكار أو الخواطر بون شاسع، أو "بيدٌ دونها بيد" ، فالأولى سرقة مكتملة المواصفات بينما الثانية شعاع لا مرئي يصل بين فردين بصرف النظر عن طول المسافة أو تعاقب الأعوام والدهور.
وبينما السرقة الأدبية أو الفنية تنم عن ضعف في عمق كيان السارق الذي يحاول التطاول نحو الأعلى فتزلق قدمه ويسقط عاجلاً أم آجلاً، إذ الذي يسرق قصيدة أو قصة أو فكرة يمكن أن يسرق مالاً أو أرضاً، وسوف يباغته الانكشاف والفضح عند أول منعطف. تسمو ملكة توارد الخواطر في من "يقترفها" فوق قنطرة الشبهات. 
مقال الأخ شربل أيقظ في طوايا ذاكرتي حدث حقيقي كان في سبات، إذ عاد بي إلى منتصف الستينات من القرن الماضي حين تقدمت لعمل في فندق الفينيسيا في بيروت، حينها طلب مني مدير شؤون الموظفين رقم الهاتف فأعطيته رقم هاتف محطة البنزين في راشيا وقال لي : عد إلى الضيعة وسوف نتصل بك.
مر الشهر الأول والثاني وكدت على وشك أن أقطع الأمل، في ذلك الشتاء المثلج وبرده الجبلي الموصوف كنت أزجي معظم وقتي قرب محمصة "القضامي" في دكان عمي في سوق راشيا، أطل علينا صديقه أبو فؤاد موسى المعلولي وسأل : ما بكما؟ حكى له عمي القصة فأحضر أبو فؤاد قلماً وورقة وسألني : ما اسم ذلك المدير ؟ قلت له اسمه الشيخ نعيم القاضي فانطلق قلم أبي فؤاد بخطه المنمق الجميل ونصه الأجمل : " تحية واحتراماً يا ابن النعيم ويا ابن القضاء"  وأكمل الرسالة.
استحوذ على إعجابي في حينه سرعة بديهة "عمي أبو فؤاد" ورشاقة ذكائه الفطري في ربط الاسم الأول للشيخ نعيم بـ"النعيم" واسم عائلته بـ"القضاء-العدالة".
لاحقاً ، بعد سنوات عديدة "أمسكت" بالمتنبي بالجرم المشهود في بيت شعر يقلد فيه أسلوب "عمي موسى"، مع فارق يتمثل هذه المرة بمدح أبي الطيب لسيف الدولة : "جزا الله عني سيف دولة هاشم/لأن نداه الغمر سيفي ودولتي".

CONVERSATION

0 comments: