عفواً أيها الكلاب/ نجوى عاصي

تناقلت وسائل الاعلام خبراً مفاده أنَّ عدداً كبيراً من الكلاب ومن جميع أنحاء العالم قاموا بمظاهرة إعتراضاً على الأكثرية العظمى من بني البشر لأنهم يخاطبون بعضهم البعض عند الغضب بكلب، أو أبن الكلب بقصد السب والشتم والإهانة، وهذا شيء مرفوض رفضاً باتاً. ورفعت الشعارات التي تندد بهذا التخاطب الاأخلاقي وغير الحضاري. ثم وصلت المظاهرة إلى حديقة عامة كبيرة على أن يلي ذلك مؤتمراً صحفياً.
إعتلى المِنصَّة كلبٌ عجوزٌ مخضرمٌ حاصلٌ على درجةِ الدكتوراه في العلوم البشرية وسلوكياتها.
وتسابق الصحفيون لتغطية هذا الحدث الهام ومقرراته وتوصل المجتمعون إلى النتيجة التالية وخلاصتها:
اولاً: التوقف الفوري عن التلفظ بهذه الكلمات المهينة بحق معاشر الكلاب.
ثانياً: إذا تكرر هذا، فسوف نقوم بدورنا بنعت الكلاب الضالة (بأبن الناس) خصوصاً الصغار حتى نربيهم تربية صالحة ونقَوم اعوجاجهم.
ثالثاً: إن أيِّ إنسان يتلفظ بهذه الكلمة سيتم تحويله إلى المحكمة الدولية، ومجلس الأمن الدولي. "فهل توافقون معاشر الحضور". وعلا النباح تأييداً: "حسناً. هذا يعني أنَّ كلمتنا جامعة واحدة موحدة. والآن يمكن للصحفيين طرح الأسئلة". فتقدم صحفي من صحافة آخر زمن يلبس قميصاً أصفر كلون وجهه وبنطالاً أسود كسواد قلبه. وفتح شدقه ذو الرائحة الكريهة وبأبتسامة ملؤها الغطرسة والتهكم. ألقى سؤاله:
"نحن معشر الناس تعودنا في حال الخصام أو النزاع بين أثنين أو أكثر أن ينعت أحدنا الآخر بالكلب أو أبي ستين الف كلب، فلماذا تعترضون على ذلك الآن؟"
أجابه رئيس المؤتمر: "كنتم وكنا! ومن الآن فصاعداً يحرم عليكم ذلك ولن نسمح لكم بترديدها.
اولاً: لأن هذا الوصف فيه إهانة لا نرضاها لأنفسنا.
ثانياً: نحن رمز الوفاء والإخلاص المفقود لديكم، فإذا أردت أن تكرم بني آدم الا تقول له. أنت وفيٌّ مثل الكلب!
ثالثاً: هل رأيت كلباً ينهش لحم أخيه؟
هل رأيت كلباً يقتل عائلة بعد تكبيل أيديهم، ثُمَّ يقْطّع رؤوسهم؟
هل رأيت كلباً يستعين بكلاب غريبة ومن بلاد بعيدة للأنتقام من جاره لمجرد أن جاره هذا يعيش بحرية وكرامة الا تعلم أنت وأمثالك فاقد الشيء لا يعطيه.
هل عرفت كلباً يتآمر ويستعين بكلاب امريكا وإسرائيل على أخيه؟ فقط ليضمن بقائه على كرسيه.
إنَّ إجرامكم يا بني البشر فاق كل تصور، ما سبقكم اليه من أحد. يالقساوة قلوبكم إنَّ الحجارة لهي أرحم منكم وإنَّ الجماد ليبكي من فظاعة ما ترتكبونه تحت شعارات الحرية والديمقراطية وهي براء منكم ومن أفعالكم الأجرامية.
إنَّ الله لنْ يستحي من حسابكم. ثُمَّ أنت وأمثالك من الصحفيين المأجورين أيديكم ملطخة بالدماء وسوف تحاسبون أيضاً.
إسألوا أسيادكم ومشايخ الفتنة هل أرتووا من شرب دماء شعوبهم. لقد أتخمت بطونهم بالمال والدم. تباً لكم وتباً لشعوب تأكل بعضها بعضاً في حين حكامكم وسلاطينكم ومشايخ الفتنة الذين باعوا أنفسهم للشيطان ولا يهمهم سوى عروشهم، والمال، والنساء، والقمار.
نحن معشر الكلاب بل قل الحيوانات بتنا نتقزز ونشعر بالقرف الشديد منكم فما أحقركم يا بني البشر.
عد من حيث أتيت نحن على ثقة أنك ستقلب الحقائق ولا بد أنك تعمل لحساب الجزيرة أو العربية أو بي بي سي. أطرودوه – عليك اللعنة، ورحمة الله على ما تبقى من صحافة حرة، موضوعية، ونزيهة".
عفواً أيها الكلاب. أعاهد نفسي وأعاهدكم أنني لن أنعت أي إنسان وأصفه بالكلب إلا إذا كان يملك صفة الوفاء والصدق والأمانة.

CONVERSATION

0 comments: