إنكشاف دور الإخوان في مصر؟/ راسم عبيدات


.....الخليفة العادل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه،كان يقول من رأى منكم في اعوجاجاً فليقومه بالسيف،وكذلك قال أخطأ عمر وأصابت امرأة،والرسول محمد (صلعم) قال عندما سأل هل المسلم يزني ويسرق قال نعم،وعندما سأل حول الكذب قال المسلم لا يكذب،وما نشهده حالياً يتمثل في الآتية،لم يعد ذلك العهد من التاريخ الإسلامي العصر الذهبي،والذي كان فيه الخليفة ينتقد علنا على أخطاءه ويعتذر اذا ما ثبت صحة ذلك،ولم يكن هناك تقديس للإفراد أو تحصين وحماية لهمأو عصمة عن الأخطاء،والاية الكريمة واضحة في هذا الشأن"وما محمد الا رسول قدخلت من قبله الرسل أفإن ما أو قتل إنقلبتم على أعقابكم .... )،ولكن ما نشهده اليومفي عصر تقديس المشايخ ورفعهم فوق منزلة البشر،وتمثيل الدين من خلالهم ،يشكل كارثة حقيقية على الإسلام والمسلمين،حيث يجري توظيف الدين خدمة لأهداف ومصالح حزبية وفئوية وتنظيمية وسلطوية،وترى مسلسل طويل من الكذب لمجال لسرده،حيث وقف الكاتب المصري علاء الأسواني أمامه في مقالته هل يمثلون الإسلام أم يمثلون أنفسهم بالتفصيل؟،ولكن سأتطرق لبعض ما ورد فيها كإستشهادات،ولعل ما يدفعنا الى هذا القول،هوممارسات الإخوان والقوى السلفية بعد التمردات الاجتماعية الكبيرةالمتشظية،والقائمة على الفوران والانفعال العاطفي غير الواعي ذاتياً،والمفتقر الىالرؤيا والفلسفة والهوية والمرجعية الفكرية،وغياب العقل المدبر والرأس القياديوالحاضنة التنظيمية،فهذا التمرد الاجتماعي العفوي الكبير محركه الأساسي الجماهيرالشعبية غير الممتلكة للبرنامج البديل وغير الواعية ذاتياً،سقطت في فخ من ركبواموجة ذلك التمرد ولم يكونوا طرفاً فيه،وحركة الاخوان المسلمين كونها الاكثرتنظيماً وحضوراً وتغلغلاً في المجتمع بفعل شبكة الخدمات الاجتماعية والقدرات الاقتصادية الكبيرة،وكذلك بفعل حنفية المال التي يضخ اليها من مشيخات وعربان الخليج،وبترافق ذلك مع روحانية تضرب جذورها عميقة في المجتمع،جيرت تلك الحركة كلذلك خدمة لمصالحها وأهدافها،وتمكنت من خداع الجماهير وتضليلها عبر شعارات واستغلال مقيت للدين من خلال المراجع الدينية التي كانت تصدر تلك الفتاوي خدمة لتلك الجماعة ولأهدافها السياسية،فهذه الجماعة في الوقت الذي كانت فيه الجماهير تحاول إقتلاعجذور النظام السابق،كانت الحركة ترتب أوراقها مع الأمريكان والمجلس العسكري،حيثجرت لقاءات بين الاخوان ومرشح العسكر الحالي عمر سليمان في أوج الحراك والفعل الجماهيري في ميدان التحرير،والذي ستتضح الصورة جلية لاحقاً بانسحاب مرشح الاخوان خيرت الشاطر لصالحه،والمهم انه جرى في ذلك الاجتماع الاطمئنان الى مصالح الإخوان فوقفوا الى جانب عمر سليمان ضد ما يسمى بمؤامرة يقودها الحراك الشبابي والقوى العلمانية لإحراق البلد..،ومن ثم بعد رحيل رأس النظام السابق،كانت تجري ترتيبات بين الإخوان والعسكر والأمريكان،بحيث يسيطر الاخوان على السلطة التشريعية،ويستمرالعسكر في الحكم مع تمثيل واسع للإخوان في السلطة التنفيذية ،ومن خلال اعادة انتاج النظام السابق لذاته بشخص مسؤول مخابراته السابق عمر سليمان،والحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة،وكذلك العمل على توسيع دائرة التطبيع مع إسرائيل والحفاظ على اتفاقيات"كامب ديفيد"،وضرب وتصفية كل القوى صاحبة المشروع القومي العربي،وفي هذا السياق فإن وفد الإخوان الذي زار الولايات المتحدة برئاسة عضو مجلس الشعب عبد الموجود الدرديري أكد للأمريكان بأن الاخوان لا يريدون عرض اتفاقية "كامب ديفيد" للاستفتاء الشعبي،وكذلك فإن مرشحهم للرئاسة خيرت الشاطر،والذي قال بأن هدف الحركة الأسمى هو تطبيق الشريعة الاسلامية،هو الذي كلف وفد الاخوان برئاسة الدرديري من أجل التواصل مع البنك الدولي والمؤسسات الدولية لإتفاق من أجل الحصول على قروض لمصر،وشرح موقف وسياسة الإخوان لصناع القرار في واشنطن ورجال الاعمال باعتدال الاخوان وديمقراطيتهم للحصول على المنحة الامريكية لمصر 3 مليارات دولارسنوياً،وبضمان بقاء سيطرة العسكر على الحكم وعدم تحديث الجيش المصري،وفي هذا الصدد نشير الى أن عمر سليمان عراب ورأس المؤسسة الامنية للنظام السابق والممسكة بالمفاصل الاساسية للحكم في مصر،يحظى ترشيحه بدعم أمريكي وسعودي،ومن ثمرات ذلك عداعن التزام الإخوان باتفاقيات"كامب ديفيد"،وجدنا ان إسرائيل توافق على دخول خمس كتائب مصرية لسيناء من أجل منع أية قوى متطرفة قد تشكل تهديد جدي على امن إسرائيل،ولمنع عمليات تهريب السلاح الايراني الى حركة الجهاد الاسلامي بالتحديد،وأيضاً مطلوب من الاخوان ومن خلال مراجعهم الدينية نقل الخلافات المذهبية من المستوى الرسمي الى المستوى الشعبي الخلاف السني- الشيعي،مع حرف للصراع من صراع عربي- إسرائيلي الى صراع عربي- فارسي.



والمأساة والخطورة هنا ليست في استغلال الناس البسطاء وتوظيف دور الافتاء والمراجع الدينية لخدمة المصالح والأهداف الضيقة،بل هو اصباغ صفة الهالة والقداسة على هؤلاء المشايخ،وتكفيرمن يتعرض لهم بالنقد،واعتبار أن رأيهم هو رأي الإسلام ومن يختلف معهم فإنما يختلف مع الإسلام،وهو من المارقين والكفار واهل الذمة وأعداء الدين!!؟؟،وفي هذا الجانب أشير الى التصويت على التعديلات الدستورية،حيث دعا المشايخ المصريين للموافقة على تلك التعديلات ومن ضمنها المادة 28 والتي تحصن اللجنة المشرفة على الانتخابات من الطعن،والتي ستعمل حتما في تزوير الانتخابات الرئاسية،والناس البسطاء الذين استغلهم المشايخ للموافقة عليها،اعتقدوا انهم بالتصويت عليها إيجابا فإنهم يحمون الإسلام.



نعم الذين أفتوا اليوم بتكفير الشيخ حسن نصرالله وبشار الاسد وبعدم كون الشيعة من المسلمين،وباستقدام القوات الأجنبية من أجل احتلال البلدان العربية،هم أنفسهم الذي أفتوا في خروج احمد عرابي عن تعاليم الاسلام،عندما حشد الجيش المصري للدفاع عن مصر امام الغزو الانجليزي عام 1982(ثورة احمد عرابي)،ففتوى خليفة السلطان العثماني انذاك كخليفة للمسلمين لعبت دوراًهاماً في هزيمة الثورة المصرية.



نعم نحن لسنا في العصر الذي كان يتم فيه الانتقاد العلني للخليفة،بل في عهد تقديس المشايخ وتحريم الخروج عليهم،حتى وإن كانت تلك الفتاوي تلحق الضرر بالإسلاموالمسلمين،المهم خدمتها لهدف سياسي وليس لمصالح الأمة،ونحن في عهد يجري الكذب فيه باسم الدين أيضاً لخدمة مصالح وأهداف وأجندات فئوية،وهنا أنا لا أتجنى بل أسوق حقائق،أوردها صديقي الكاتب علاء الأسواني في مقالته "هل يمثلون الإسلام أم يمثلون أنفسهم" فالأخوان تعهدوا بأن لا ينافسوا على أكثر من ربع مقاعد مجلس الشعب ثم نافسوا على المقاعد جميعاً وأثناء الانتخابات ارتكبوا كل أنواع المخالفات الانتخابية بدءا من شراء الأصوات إلى تشويه المنافسين لهم بالشائعات المغرضة والطعن على دينهم وقد تعهدوا بأنهم سيكتبون الدستور بمشاركة كل القوى السياسية الأخرى ثمنقضوا عهدهم واستأثروا وحدهم بلجنة كتابة الدستور،وقد تعهدوا مرارا وتكرارا بانهم لن يتقدموا بمرشح رئاسي وكالعادة نقضوا عهدهم... كثيرون من مشايخ السلفية ،في فيديوهات مسجلة بالصوت والصورة، وقفوا ضد الثورة ودعوا المتظاهرين الى العودة الى منازلهم وحرموا الخروج على حسني مبارك ومنهم من حرم الديمقراطية والانتخابات وتداول السلطة،ولكنهم انقلبوا جميعاً بعد نجاح التمرد الاجتماعي وجيروه لصالحهم وغيروا أرائهم وانشأوا أحزاباً وخاضوا الانتخابات.


CONVERSATION

0 comments: