هل آن الآوان لإعلان الحرب على ثقافة الإرهاب؟/ ناجي أمل الوصفي


ضحايا ثقافة العنف: ستة وعشرون وردة وزهرة وزنبقة في مدرسة ساندي هوك
بولاية كونكتيكت بالولايات المتحدة الأمريكية
سمعنا عن هيروشيما وكيف حرق الرئيس الأمريكي هاري ترومان جميع نساءها وأطفالها وشيوخها. وسمعنا عن ناجازاكي بعد هيروشيما بيومين. نفس المأساة الإنسانية: مدينة يابانية بأكملها ارتفعت إلى السماء حمما ونارا مستعرة.ثم سمعنا صدى صوت الغرور البشري ينعكس عائدا: جحيم الأرض يفوق جحيم السماء! (اشعر بالغثيان).
 وسمعنا عن إبادة البشر والشجر  والحجر في فييتنام بمسحوق شيطاني أسمه (إجنت أورانج). سمعنا عن الحرب على الشعب الصربي وشاهدنا رؤوس الصرب تتدحرج على أسفلت الشوارع في بلغراد ولكننا حاولنا أن نرشي ضماءرنا بأكاذيب اليمين الراسمالي المتعفن: سلوبودان شيوعي! والشعب الصربي كله إرهابيين مسيحيين وشيوعيين!!  وسمعنا عن الحرب على أطفال افغانستان ولكننا لم نهتم كثيرا بتدمير كابول وهدم منازلها على رؤوس أطفالها. (شوية إرهابين مسلمين!! نتفة مجرمين يازلمة!) ثم التصقنا بشاشات الكذب التلفزيونية لنشاهد حرق مكتبة بغداد بكل ما فيها من كنوز ومخطوطات وأناجيل لا تعوض ومصاحف مكتوبة بخط اليد. وسمعنا صوت الغوغاء السذج يهتفون في سيدني: تحيا أمريكا!  ثم بكينا على مائة واثنين وسبعين ألف قطعة أثرية دمرها الجيش الأمريكي في متحف بغداد بالقنابل المتوجة باليورانيم المنضب.
أختفت الحضارة البابلية والأشورية والكلدانية من التاريخ! وبغباء لم يسبق له مثيل هلل الجميع لثقافة العنف. لم يجرؤ أحد من عناتر الجالية العربية أن يرفع صوته في وجه الفلسفة الهاوردية. وراح كاتبنا الصحفي الكبير يطالب الحكومة الأسترالية بارسال المزيد من أبنائنا ليشتركوا في تدمير العراق!!! وكرم العراقيون الكاتب الصحفي الكبير وصفق له بائعي السمك!!! (اشعر بالغثيان). أين أنت يا بولين هانسون؟ وحشتينا كتير!
ثم أندلع الخريف العربي الدامي. وشاهدنا تخريب تونس بالكامل وتفكيك مؤسساتها وتمكين تجار الدين من العبث بها. ورأينا رجسة الخراب تتلوى مثل الثعبان في ميدان التحرير بالقاهرة. ثم شاهدنا وهللنا واحتسينا الخمر فرحا بإغتصاب القذافي جنسيا قبل تشريح وجهه وقتله في الشوارع. ألم يكن هؤلاء المهللون يحتفلون بثقافة العنف والإرهاب؟؟؟ هل كنا عندما صفقنا طويلا لذبح القذافي مثل النعجة نحتفل بالوداعة المسيحية أم بثقافة العنف والإرهاب الأمريكية؟؟؟ لا تخدع نفسك يا أخا العرب!
ثم بدأ الزحف على دمشق. ثقافة العنف والإرهاب تريد قتل أبناء بشار الأسد. ثقافة الإرهاب تريد إغتصاب زوجته في شوارع الشام. تحيا الديمقراطية الإجرامية يازلمة! (اشعر بالغثيان).
ثم بدأت الحرب الأهلية في مصر. السيدة كلينتون تعلن دعمها للإخوان المجرمين. تحيا ثقافة العنف. وليقتل الإخوان المجرمون كل أقباط مصر.  وليقتل السلفيون كل المسلمون المعتدلون. وليذهب البهائيون إلى الجحيم! وأهلا وسهلا بالشيخ مرجان. دعه يحطم أبا الهول. دعه ينسف الأهرامات. ألم تكن هيلري نيابة عن الشعب الأمريكي تروج وتدعم وتنشر ثقافة العنف آنذاك؟؟؟
وإذا بسخرية القدر (أنا أتحدث هنا عن سخرية القدر وليس عن إرادة الله؛ فالله صبحانه وتعال لا يشترك في أعمال إجرامية مثل البشر)، إذا بسخرية الزمان تنقل عدسات التلفزيون من أبي الهول المرتعش من الخوف إلى مدينة أمريكية تبكي أطفالها وترتعد من هول ما حدث بها. ماذا حدث هناك؟
ثقافة العنف ارتدت على خالقيها!!! إنقلب السحر على الساحر يازلمة!!! شاب في العشرين يسمى آدم! "بنـيآدم" أسمه آدم! آدام لانزا! تربى وترعرع في ثقافة العنف والسلاح. ثقافة الحلول الهمجية. ثقافة قتل المناهضين والمختلفين في الفكر أو اللون أو العقيدة. ستة وعشرون ضحية. كلهم في أعمار الزهور. براعم أمريكية. ورد ميت! أزهار مقطوعة أعناقها مثل الطيور المذبوحة في سلخانات البشرية الحمقاء. (اشعر بالغثيان).
يا سعادة الرئيس المتمدن،  قبل أن نغتصب القذافي (مهما كان جاهلا أو غير متنورا)؛ قبل أن نذبح أبناء بشار ونغتصب زوجته في شوارع الشام (مهما كان ظالما)؛ قبل أن نُشرد عشرة مليون قبطي من ديارهم في مصر؛ قبل أن نحطم أحلام أطفال أفغانستان؛ قبل أن نقتل سلوبودان، قبل أن نخرج خارج بلادنا وننشر الخراب في بلاد خلق الله الغلابة علينا أن نعلن الحرب على ثقافة العنف والإرهاب التي (بتبرطع) في بلادك مثل الحميير البرية .
أيها السادة الذين يتشدقون بالديمقراطية الإجرامية ليلا نهار، أيها المتعلمون المستنيرون الذين يشنون الحروب الشعواء على البؤساء، أيها الفلاسفة الجهابذة الأشاوس الذين لا يرحمون الأطفال الرضع النائمين في اثداء أمهاتهم، هل آن الآوان لإعلان الحرب على ثقافة الراجمات والمقاتلات والمدمرات؟؟؟ هل آن الآوان لإعلان الحرب على ثقافة العنف؟؟؟ هل آن الآوان لكي تروا جذوع الأشجار في عيونكم وتخرجوها قبل أن تروا القشة التي في عيون الإرهابيين المناوئين لإرهابكم؟؟؟

CONVERSATION

0 comments: