كوتة الاقباط بين القبول والرفض/ لطيف شاكر

في 22 نوفمير عام 2009 نشرت مقال بعنوان  الكونة افضل للاقباط وكان المناخ افضل من الان وكانت مظاهر التاسلم لم تظهر  بعد بوضوح ,والان وبعد ان   اتضحت الامور واصبحت  الدولة في طريقها الي التاسلم بالكامل  في كل  سلطاتها  واجهزتها ,وظهر هذا الفكر  كالشمس في الافق لايحتاج الي تأويل او تبرير, فيكون العنوان  حاليا اكثر وضوحا وحقيقة .
«الكوتا» كلمة لاتينية تعني نصيب أو حصة نسبية، ويرجع الأصل التاريخي لنظام الكوتا إلى مصطلح الإجراء الايجابي Affirmative action، حيث أطلق لأول مرة في الولايات المتحدة الأميركية على سياسة تعويض الجماعات المحرومة، اما من قبل السلطات الحكومية أو من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص.
والكوتة أو الحصة كلمة حديثة علي المجتمع المصري وبسببها أُثير كثير من الأقاويل، فالكلمة محمودة عند البعض ومذمومة عند البعض الآخر ,فيوجد من يؤيدها ويوجد من يرفضها ، لكن وبالنسبة لمبدأ المطلق والنسبي فلا يجوز أن نقول انها مرفوضة رفضًا تامًا  علي المطلق  أو مقبولة تمام القبول ,لكن بموجب النسبي نقول ان ما صلح امس  لايصلح اليوم لان المناخ والظروف ونظام الحكم عوامل اساسية في تقرير مصير الاقباط  نحو قبول او رفض الكوتا  . .
فالكوتة لامكان لها   في مناخ المواطنة الحقيقة لكل المواطنين دون تفرقة  مثل عهد ماقبل انقلاب العسكر 52 لكن يلزم وجودها في مناخ التمييز الديني والعنصري الذي كرسه الحكام  بعد 52 حتي تاريخه.
وتعتبر نظام الكوتا امر مهم بالنسبة للشرائح المجتمعية التي لاتستطيع لظروف معينة من ايصال مندوبيها الى البرلمان رغم استحقاقها الانتخابي من حيث عددها الذي يزيد عن العدد المطلوب لوجود ممثلين عنها في البرلمان، ، وتتعرض لظروف معينة من خارجها تحول دون تحقيق امالها وطموحاتها، او لعدم نضح الوعي الحضاري الذي يكفل لكل ذي حق حقه.
من هنا فان نظام الكوتا يعتبر امر مهم ومناسب لضمان حقوق الاقليات وتصحيح المعادلة الانتخابية ,وان بدا في بعض جوانبه غير مثالي ولكنه ضروري لفترة من الزمن على الاقل لتصحيح وضع شاذ او معادلة مختلة في تحقيق المساواة ,وضمان حقوق مختلف الشرائح وطبقات المجتمع.
قد تكون الكوتة غير مناسبة في مناخ مسالم بعيدًا عن الطائفية ولا يوجد به مناخ الكراهية للآخر ويرفض التيارات الوهابية الواردة من الخارج, والتي تدعو إلى تفتيت الوطن وتقسيمه ، لكن في ظل الوقت الحالي المشحون بكراهية الآخر وعدم الإعتراف به (خاصة وأن الإتجاه العام هو أسلمة جميع الهيئات التنفيذية والإدارية والقضائية والإستشارية والرئاسية وكل مواقع الحياة) فيكون  الكوتا هو الحل الأفضل للتمثيل الفعلي للأقباط في المجالس النيابية, وبالتالي سينسحب علي جميع الاجهزة, لانه سيكون للاقباط صوت واضح.
لم يكن للكوتة ثمة وجود في العهود السابقة لثورة العسكر التي جاءت تحمل معها التعصب الديني ورفض الآخر فكان سعد زغلول يحث علي الوطنية قبل الدين، وكان مكرم عبيد يفوز بعضوية البرلمان في دوائر اسلامية بحتة لأن الناس كانوا غير الناس الآن والمناخ كان مختلفا تمامًا عن الحاضر.
الكوتة كانت غير مناسبة أبدًا في مناخ ثورة 19 حيث استطاع الزعيم سعد زغلول أن يمحي الطائفية والتشرذم ونادى بشعار الوطن للجميع، لكن الذي  كان  مناسبا في الزمن الجميل حيث المحبة  كانت فيه سائدة بين أفراد الشعب لم يعد صالحا في زماننا الحلي  المفعم بالكراهية والمشبع بالطائفية.
واذا كانت سياسة الدولة رفض الكوتة للأقباط بحجة اختلاف الرقم الحقيقي للأقباط فإن هذا الوضع ليس عذرًا (خاصةً أن جهاز الإحصاء أعلن بدون استحياء أن النسبة لا تزيد عن 6 أو7 في المائة) فحتى لو كان هذا سيكون عدد الأقباط الممثلين في المجلس نسبة لإجمالي عدد المجلس لا يقل عن 25 نائب  , طبقًا للنسبة المعلنة من الجهات المعنية, ومع عدم صحتها الا انه أفضل بكثير من عدمه.
ورفض الكوتة من الاسلاميين يرجع الي الآتي:
عدم استحواذ الاقباط علي كراسي الاسلاميين لئلا يرتفع صوتهم .
حتي يظل الاقباط بعدم تمثلهم في المجالس النيابية  لاقيمة لهم  خارج السلطة التشريعية ويرضوا بالفتات الساقطة من موائد الاسلاميين , يؤدون واجباتهم وليس لهم حقوق  ,اي عالة علي الوطن او مواطن منتسب للوطن او درجة ثاية او عاشرة .
لكي لايفصح عن عدد الاقباط  (خط شديد الاحمرار)لكي  لايطالبون بحقوقهم المشروعة , ولايكون لهم صوت , وحتي لاتكون عائقا لاسلمة الدولة.
اما رفض الكوتة بالنسبة للاقباط فيرجع الي الآتي:
انها ستكرس للطائفية وكأن الطائفية غير موجودة وياللعجب !!!!!!!!!!!!!!!
الشك في اختلاف الطوئف المسيحية علي عدد المقاعد وهذا امر انتهي تماما في هذا العهد ويكفي ان نتذكر جيدا اجتماعات جبل المقطم وروح المحبة السائدة , والمقعد للاكفأ دون النظر الي المذهب.
ان  الكوتة تمزق أو تضعف من نسيج الوطن ... و لماذا تنقص الكوتة من وطنية المكوت, بل العكس صحيح أن تمثيل كل الفئات في مجلس الشعب هو الوطنية الحقيقة والصادقة والتماسك القوي لنسيج الوطن.
وثبت باليقين القاطع ان روح التعصب الاعمي متغلغل في نفوس الناخبين ,فلن بعطوا صوتهم (للكافر ) ناهيكم عن تشتت الاقباط  في احياء متفرقة ,مما يتعذر الحصول علي اصوات لصالح المرشح القبطي ,وارجو ان نكون صادقين مع انفسنا ولا داعي من المغالاة التي لانتفع بل ستضرنا جدا. ارجو تسمية الاشياء باسمائها , والا نرتئي فوق ما ينبغي .
والكونة ليست اختراع مصري وان كان جديدا الان  ,نسبة للظروف التي نعيشها  حاليا وقد اخذت به اكثر من ثمانين دولة منها دول عربية واسلامية .
وسؤالي للرافضين الكونة :أيهما أفضل ياسادة أن يمثل الأقباط في مجلس الشعب من خلال كوتة ام رفضها ولايكون للاقباط اي تواجد حقيقي  او نسبة تقترب من العدم    , بحجة النسيج الممزق  والمقطع والمجزأ  والمهرأ ... والي اخره , كلمات تخلو من الحقيقة , وفارغة من محتواها .
ويدهشني ان اول مرة يتحد ويتوافق النشطاء الاقباط والاسلاميين  علي عدم الموافقة علي الكوتة.... اليس هذا عجبا ياسادة  !!!!!! ولعله فألا طيبا ان نتوافق في امور افضل .
إن الكوتة لها ثمار كثيرة إنها عامل قوي للأقباط لدفعهم إلى حلبة السياسة وسيكون لهم ثقلاً في الحركة الوطنية كالماضي القريب وتستفيد الدولة بنشاطهم أكثر، وبالتالي سيتفاعل الأقباط  والاقليات مع المناخ الجديد ولن يفتر عزمهم  علي  العمل  الجاد والمثمر مع شركاءهم في الوطن لأنهم يشعرون ان لهم تمثيلاً شبه عادل وانهم مواطنون من الدرجة الاولي اسوة باخوتهم المسلمين .
وعلي ضوء هذا أنصح الأقباط بالآتي:
*الإصرار علي كوتة للأقباط حتي يكون لنا تمثيل في مجلسي الشعب والشوري ولا نربط الكوتة بالنسيج الممزق. فبالكوتا سيكون النسيج اقوي وامتن ,ولن يستطيع اعداء الوطن النيل منه  سوءا.
*التفاعل مع الوطن بالإشتراك الفعلي في جميع الأحزاب بما فيها حزب الحاكم وأن يكون لهم تواجد عملي في نشاط الأحزاب.
*لا بد من تقوية أواصر المحبة مع اخوتنا المسلمين (العقلاء والأجلاء) في كل المجالات وهم الأكثر دون شك لإنهم يمكنهم المطالبة بحقوق الأقباط وصوتهم أقوى ومسموعًا عن صوت الأقباط الخافت والضعيف والمشتت.
*أن يفهم القبطي فهمًا جيدًا للآية "اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" فهذه الآية مرشدًا هاديًا لعلاقتنا بالوطن، واذا كان القداس الإلهي يطلب من الشعب الصلاة من أجل الحكام والمسئولين أليس بالأولى أن يكون لنا التواجد الحقيقي والفعال في كل أنشطة الدولة.
*لا بد أن نتيقن أن العضو الخامل في الجسد يضعف ثم يُضمر وبضموره لا يمكن تجديد حياته مرة ثانية وتكون النتيجة البتر (لا سمح الله) وهذا هو المطلوب ويتوافق مع غاية التيار الوهابي وهدف الأقلام الهدامة.
*نحن الآن نعيش نقطة فاصلة وفي مفرق  طرق  خطيرة , ولا بد لنا من ان نقرر علي صيرورة المصير فلا تجرفنا الآمال الفارغة ولا تخيفنا المصاعب العارضة التي تواجهنا لنصل الماضي المنير بالمستقبل المشرق لبلدنا.
اذن فالنتيجة الحتمية لا يمكن الإستغناء أو اهمال أي عنصر من مكونات النسيج السدة واللحمة واللون، نرجو من الله أن يلهمنا الحكمة والفهم حتي لا نبكي علي ضياع حق الاقباط بارادتنا  كما يقول المثل بيدي لابيدعمرو.
اخيرا : اود  ان اعبر عن احترامي ومحبتي لكل النشطاء الاقباط  اخوتي واصدقائي المؤيد منهم والمعارض لان هدفهم واحد هو الشأن القبطي واسترداد  حقوق الاقباط  المسلوبة , واختلاف الرأي لايفسد للود قضية , فنحن في قارب واحد  ,ولكن ارجو ان نجدف معا في اتجاه  واحد نحو ميناء الوطنية المصرية دون اي تفرقة من اي نوع .

CONVERSATION

0 comments: