شر البلية ما يضحك.. فقد حملت الأخبار لنا يوم أمس الأربعاء نبأ مفاده أن السيد بوتين اقترح عند استقباله للرئيس اللبناني ميشال سليمان استضافة موسكو مؤتمراً دولياً حول اللاجئين السوريين، فلم يخطر ببالي ولو للحظة واحدة أن هذا الدب المفترس سيرق قلبه للسوريين المشردين في دول الجوار والعالم، بفعل جحيم الأسلحة الفتاكة التي لم ينقطع سيلها عبر جسور جوية وبرية وبحرية إلى بشار الأسد الذي يفتك بشعبه، وتنظر إليه في موسكو بأنه يتعرض لمؤامرة كونية لإسقاطه وتحويل سورية إلى دولة فاشلة مقسمة تعم فيها الفوضى والخراب والدمار، وأن دعمها له جاء من منطلق حرصها على وحدة سورية والحرص على الأقليات التي تهددها العصابات المسلحة المتطرفة بالفناء!!

بوتين هذا الذي جعل من نفسه قيصراً جديداً لروسيا ويريد أن يعيد أمجاد روسيا القيصرية إلى الساحة العالمية باعتماد مقولة (ميكيافلي): "الغاية تبرر الوسيلة" والذي اعتبر أنه من المسموح به استخدام كل الوسائل في الصراع السياسي، مبرراً القسوة والوحشية في صراع الحكام على السلطة وقهر الشعوب، وهذا ما يفعله بوتين في روسيا ويؤيد كل من يفعله في العالم، فالكل يعرف من هم أصدقاء بوتين.. أصدقاؤه: بشار الأسد ومحمود أحمدي نجاد وفيدل كاسترو وهوغو تشافيز وكيم كونغ وميلو سوفيتش الذي ظل يحميه ويدافع عنه حتى النهاية، ولا غرو بأنه يحمي الأسد ويعلن صراحة أن بشار الأسد خط أحمر!!
ومما يؤسفني ويحز في نفسي أن أقول أن حلفاء بشار هم أصدق من كل أصدقاء الشعب السوري، ففي الوقت الذي يقدم فيه حلفاء بشار الدعم غير المحدود له في المال والتسليح والنفط والتموين والإعلام والمحافل الدولية نجد أن أصدقاء الشعب السوري يقدمون له - وهو الذبيح - الوعود والمواثيق والكلام المعسول وعقد المؤتمرات وتشكيل اللجان وبعض الفتات التي لا تسمن ولا تغني من عوز أو جوع على مدى عامين، كانت نتيجتها قتل ما يزيد على مئة ألف سوري بين أطفال ونساء وشيوخ ومعوقين ورجال، وأضعافهم من الجرحى والمفقودين والسجناء والمعتقلين والملايين من النازحين والمهجرين.
وآخر ما سمعناه أن الولايات المتحدة التي تتحمل أخلاقياً وإنسانياً ما يجري في سورية بصفتها الدولة الأقوى في العالم، والتي كانت على مدار هذين العامين توزع التصريحات على مدار الساعة مطالبة برحيل الأسد، هي اليوم تعلن بكل صراحة على لسان بعض ساستها أن لا مصلحة لها في التدخل في سورية وأنها تخشى غضب إيران وروسيا وحزب اللات، وأنها ستظل على الحياد لتنظر أي الفريقين ينتصر المعارضة أم بشار الأسد وبعد ذلك تتخذ القرار الذي هو في صالحها.
الشعب السوري الذي أحس منذ انطلاقة ثورته تخلي العالم عنه سيظل ماض في ثورته حتى النهاية، وقد عاهد الله والوطن أنه لن يبخل بالمهج والأرواح في سبيل الوصول إلى الهدف المنشود.. الحرية.. وإقامة دولته المدنية التي يتساوى فيها كل السوريين بمختلف نسيجهم العرقي والديني والمذهبي والطائفي.. ذلك النسيج الرائع الذي خص الله سورية به منذ مئات السنين.
0 comments:
إرسال تعليق