في حضرة المناضل الكبير بسام الشكعة/ راسم عبيدات

.....ذهبنا يوم السبت 26/1/2013 وفد كبير قرابة مائتي شخص من الجولان المحتل واللجنة الشعبية للدفاع عن سوريا من فلسطين التاريخية،ضم رموز وطنية ودينية واعتبارية وكتاب ومثقفين وصحفيين ورجال فكر وغيرهم الى بيت المناضل الكبير بسام الشكعة"أبا نضال" في نابلس جبل النار،لما لهذا البيت من رمزية في النضال الوطني والقومي الفلسطيني والعربي،ولكي تنطلق من هناك حملة للتبرع بالدم لصالح سوريا شعبا ودولة وجيشاً،وابا نضال الذي التقيته في بيته عام /2009،يحمل نفس الإرادة والتصميم،رغم تراجع حالته الصحية،وعندما سلمت عليه قال لي"مصير رفاق الدرب والهدف أن يلتقوا يا راسم" وثمة سؤال كبير ظل يلح علي منذ مغادرة بيت أبا نضال،ألا وهو أي منظمة تحرير وفصائل وأحزاب هذه التي لا تبادر الى إقامة حفل تكريم قومي لمناضل كبير بقامة وحجم أبا نضال،ونحن نشهد في زمن "العهر" ورداءة المرحلة وإنحطاطها وتراجعها أن الكثير من حفلات التكريم تقام لمن هم ساهموا في خيانة المشروع الوطني،أو عملوا سماسرة ووكلاء للتطبيع مع الاحتلال،او تجار ومستثمرين للمشروع الوطني.؟؟
هذا القائد المناضل الذي يحمل اسم على مسمى،رغم الكبر وتقدم السن وتراجع الحالة الصحية،فهو يتقد شعلة ونشاط ويمتلك ذاكرة تؤرخ للقضية الفلسطينية في الكثير من محطاتها الأساسية،وأبا نضال ليس شاهد على العصر،بل هو دوماً في قلب الحدث يقود الجماهير ملتصق بهمومها ومشاكلها معبراً عن نبض شارعها،وأبا نضال هو من القادة التاريخيين للشعب الفلسطيني والذين مثلوا حالة نوعية في الكفاح والنضال والصلابة والصدقية وطهارة اليد واللسان والثبات على الموقف،والتمسك بأهداف وحقوق شعبه،وهو من المبادرين لتشكيل لجنة التوجيه الوطني الفلسطينية – ذراع منظمة التحرير الفلسطينية- في الأراضي المحتلة قبل مجيء سلطة اوسلو،أيام كان النضال يدفع ثمنه دماً وتضحيات لا رتب ولا رواتب ولا نياشين ولا مناصب،تلك اللجنة التي كانت ترسم وتقود مسيرة النضال الوطني الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة في السبعينات،وأبا نضال احتل مواقعه ومراكزه الحزبية والتنظيمية بالعمل والكفاح والتواضع والصدقية،وهذا أكسبه ثقة جماهير شعبه،وجعله يحقق فوزاً كاسحاً في أول انتخابات بلدية جرت تحت الاحتلال عام 76،لكبرى المدن الفلسطينية،بلدية نابلس والتي في عهده أنجزت الكثير من المشاريع الهامة والحيوية للمدينة وسكانها،وحضور القائد الشكعة تجاوز حدود وحضور كونه رئيساً لبلدية نابلس،بل غدا زعيما وقائداً وطنياً على مستوى الوطن،يشارك بقوة وفاعلية في كل المناشطات والفعاليات الوطنية ضد الاستيطان وغيره من الممارسات الإسرائيلية القمعية بحق شعبنا الفلسطيني،وهو من القيادات الوطنية الصلبة الني وقفت بحزم ضد مشاريع روابط القرى العملية ،وكذلك عارض بشدة اتفاقيات"كامب ديفيد" والني كان يرى أنها وجهت ضاربة قاسمة إلى البعد القومي في إخراجها لمصر كثقل بشري وعسكري وسياسي من المعركة مع العدو،وهذه المواقف دفعت قادة الاحتلال وعلى رأسهم وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك الراحل"عيزرا وايزمن" للتهديد بالمس به جسدياً،وكذلك لم تنفع معه كل الإغراءات لحمله على تأييد والموافقة على اتفاقيات"كامب ديفيد" ففي إحدى اللقاءات مع القنصل الأمريكي في القدس في تلك الفترة،قال له سنحل لكم مشاكل الكهرباء والماء والكثير من الأمور الخدماتية لمدينة نابلس،فرد عليه القائد بسام وما علاقة ذلك "بكامب ديفيد"،وانتهى اللقاء لكي يقول بسام بشكل واضح وعلني لا قاطعة"لكامب ديفيد"،وزاد على ذلك أنه بادر وشارك في الكثير من المهرجانات والمؤتمرات والأنشطة الني تدعو إلى رفض تلك الاتفاقيات والعمل على إسقاطها،وهذا جعله في دائرة الاستهداف الإسرائيلي،حيث أقدمت في شهر حزيران/1980 عناصر من التنظيم الإرهابي الإسرائيلي السري على زرع عبوة ناسفة في سيارته،أدى انفجارها إلى بتر ساقيه،هذه الجريمة البشعة على أثرها اندلعت انتفاضة شعبية عارمة في الضفة والقطاع دامت عدة شهور،كانت بمثابة بروفة وممهد لانتفاضة الحجر الأولى كانون أول/ 1987.
والقائد الشكعة وغيره من قادة لجنة التوجيه الوطني،نظرت إليهم القيادة المتنفذة في المنظمة أنذالك بريبة وشك،اعتقاداً منها بأن تلك اللجنة ستكون بديلاً لهم،والشكعة قائد مبدئي،اتخذ مواقف مستقلة ومعارضة للرئيس الفلسطيني الراحل أبا عمار،وكما يقول القائد الشكعة،إن خلافه مع الرئيس الفلسطيني الراحل أبا عمار لم يكن له جانب وبعد شخصي،بل له علاقة بالسياسات والمواقف والتي بلغت ذروتها باتفاقيات أوسلو،والتي يرى القائد الشكعة أن مخاطرها وتداعياتها على الشعب والقضية الفلسطينية،كانت كبيرة جدا،وما يدفع ثمنه شعبنا حالياً من انقسام وانفصال،هو نتاج تلك الاتفاقيات المجحفة التي قسمت الأرض والإنسان.

والقائد الشكعة بعد اتفاقيات أوسلو،وإن كان قد انزوى قليلاً،ناهيك عن محاولات قيادة أوسلو لتهميشه وإسكات صوته الوطني الصادق،وإبعاده عن دائرة الفعل والقرار،وشن حملة ظالمة على ما يمثله القائد الشكعة من مواقف قومية وعروبية،تثبت الأيام كل يوم أنه بدون حاضنة عربية للقضية الفلسطينية،فإنه من المستحيل على شعبنا تحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال.

أبا نضال بكل خبراته وتجاربه ومعانياته ومواقفه الصلبة والمبدئية،كان يجب أن يكون حاضراً على طاولة الحوار الوطني واللقاءات الوطنية،وإن خانته صحته في الفترة الأخيرة،ففي الوقت الذي يستشار ويشارك في القرار الفلسطيني،من هم يقودون التطبيع مع الرأسمال الصهيوني،،جرى تجاهل رمز وقائد بحجم أبا نضال،وأبا نضال هو من ضمائر هذا الشعب،ووجوده ومشاركته في قمة الهرم القيادي الفلسطيني انذاك،هي بمثابة صمام امان للموقف والقرار الوطني الفلسطيني.؟ونحن نعرف أن أبا نضال من دعاة الوحدة لا الانقسام،من دعاة التشبث بالمبادئ والحقوق لا التنازل والتراجع.
ولكن لا بأس فأبا نضال من القادة الفلسطينيين القلائل الذين في مرحلة الرويبضة يقبضون على مبادئهم كالقابض على الجمر،والإمام علي قال" لا تستوحشوا طريق الحق لقلة السائرين فيه" ويبقى أبا نضال يمثل حالة رمزية نوعية في النضال الوطني الفلسطيني والقومي العربي،وضمير من ضمائر هذا الشعب.

CONVERSATION

0 comments: